- wiliam wallaceعضو جديد
- :
عدد الرسائل : 18
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 22/08/2012
مدخل لدراسة تاريخ المغرب القديم
الخميس 14 مارس 2013, 13:45
درج الإصطلاح التّاريخي على تقسيم أطوار الحياة البشرية منذ نشأتها إلى
اليوم إلى مراحل زمنية تختلف امتدادا من بقعة إقليمية إلى أخرى، فهي لا تخرج عن
التقسيمة الثّلاثية، "قبل التاريخ"، "قبيل التاريخ"،
"والتاريخ". وتنقسم هذه الثلاثية بدورها إلى محطّات تاريخية بحسب طبيعة
التّطوّر الّذي طرأ على المجتمع البشري، فالعصر التّاريخي الّذي يهمّنا قد قُسّم
في الغالب حسب الخصوصيات الإقليمية للتّطوّر البشري إلى: تاريخ قديم وتاريخ
وسيط وتاريخ حديث ثمّ تاريخ معاصر، هذا أشهر اصطلاح درج عليه
المؤرّخون.
عرفت بلاد المغرب هذه الأطوار التّاريخية جميعها واختصّت كغيرها بمميّزات
زمنية وشكلية كما اختصّت بلقي البلاد المعمورة بذلك. فمتى تبدأ مرحلة التّاريخ
القديم ببلاد المغرب؟
للإجابة على هذا وجب علينا أن نعرف مصطلح التّاريخ القديم عند المؤرّخين،
فهو عندهم: فترة زمنية محدودة في طريق تطوّر المجتمعات البشرية، مرتبطة بدرجة كبرى
بأولى الحضارات الكتابية أو المكتشفة للكتابة. هذا يعني أنّ النّقطة الرّئيسية في
تمييز بداية الزّمن التّاريخي للتّاريخ القديم هو ظهور الكتابة في الحضارات
البشرية، فأوّل ما يظهر لنا أنّ هذا التّمييز نسبي من وجهين، أنّه يؤرّخ للزّمن
التّاريخي القديم ببداية الكتابة باعتبارها عنصرا رئيسيّا لا أنّها العنصر الوحيد،
ثمّ أنّ هذا التّحديد غير متوافق في جميع الحضارات البشرية، فطوّر الكتابة قد
تقدّم عند حضارات وتأخّر عند أخرى، ممّا يلزم منه اختلاف بداية العصر التّاريخي من
حضارة وإقليم إلى آخر.
إذا تتبّعنا بداية ظهور الكتابة في الحضارات القديمة وجدنا أنّ بلاد
الرّافدين قد دخلت التّاريخ ابتداءا من 3400 سنة ق.م حيث كان أوّل ظهور
للخطّ المسماري في العهد السّومري، وأنّ مصر القديمة دخلته بخطّها الهيروغليفي
(التّصويري) ابتداءا من سنة 3000 ق.م، كما أنّ أوروبا دخلته من جزيرة
"كريت" وحضارتها "المينونية" (Minoené) صاحبة
الخطّ المستقيم حوالي 2000 ق.م أو 1400 ق.م، والّتي لم تفكّ رموزها
إلى اليوم، وأنّ الحضارة الفينيقية الشّامية قد دخلته حوالي 1700 ق.م أو 1300ق.م
بظهور كتاباتها الأبجدية على أنّ هذه التّواريخ نسبية قائمٌ تحديدها على
الموجودات الأثرية.
فإذا عرفنا هذا فنتساءل متى كان أوّل دخول التّاريخ
بلاد المغرب؟
الّذي عليه المؤرّخون أنّ ذلك كان بانتقال
الفينيقييّن إليه حيث انتقلت معهم لغتهم الأبجدية وكتابتها، والّتي ستتحوّل
باتّصالها ببلاد المغرب إلى البونيقية فيكون دخول بلاد المغرب القديم ابتداءا من
النّزول الفينيقي إليه حوالي 1200 ق.م أو 1100ق.م، لكن هنا يُطرح سؤال:
الم يكن للمغاربة لغة مكتوبة في العصر القديم هي اللّغة البربرية، وقد وجدت لها
آثار تدلّ عليها؟ وهذه اللّغة المكتوبة متى ظهرت كتاباتها حتّى نفِي للبربر
بأحقّيتهم في دخول التّاريخ؟ إنّ عدم وجود آثار لهذه الكتابة ما قبل الدّخول
الفينيقي لا يمنع من إمكانية وجودها، خاصّة إذا ما علمنا قوّة الإتّصال الحضاري
الّذي كان بين بلاد المغرب ومصر القديمة الّتي دخلت التّاريخ مبكّرا، ممّا لا يبعد
تأثيرها في البربر بكتابتها المعروفة، هذا يجعلنا لا نجزم بأنّ دخول بلاد المغرب
للتّاريخ كان بولوج الفينيقيّين إليه، إلى أن ينتقي عندنا ما قدّمناه من نظرية
الإحتكاك الحضاري مع المصريّين.
هذا شيء فإذا سلمنا أنّ التّاريخ القديم لبلاد المغرب
يبدأ بالدّخول الفينيقي، فمتى ينتهي؟
الّذي درج عليه المؤرّخون إنهاء العصر القديم والإبتداء بالعصر الوسيط
بالحوادث التّاريخية السّياسية الإجتماعية الكبرى، المغيرة لأطوار التّطوّر
البشري، من انتهاء الإمبراطوريات الكبرى أو الغزوات الإستيطانية من الشّعوب
لأقاليم جديدة... فمثلا نجد نهاية العصر القديم الأوروبّي وبداية عصره الوسيط
بنهاية الإمبراطورية الرّومانية الغربيـة سنة 476م الّتي مثّلت دورا سياسيا
هامّا هو نهاية الإمبراطورية ودورا اجتماعيا مهمّا هو غزوات وهجرات الشّعوب
والقبائل المتبربرة للجنوب الأوروبّي، فإذا بحثنا في نقطة فاصلة للتّاريخ القديم
المغربي في سيرورته وجدناها في ذلك الفتح الّذي جاء في القرن 7م (فتح طرابلس
647م-تمام الفتح 692م) بالقبائل العربية إلى بلاد المغرب، وما أحدثه من ثورة
سياسية واجتماعية ودينية، قلبت فيه المغرب من الوجهة الحضارية الغربية إلى الوجهة
الحضارية الشّرقية، بكلّ ما يحمل هذا الإنقلاب من معنى في التحوّل الدّيني
والثّقافي والسّياسي.
إذًا يمكننا أن نضع تحديدا نسبيّا للتّاريخ القديم ببلاد المغرب، فهو يبدأ
بالولوج الفينيقي حوالي 1200 أو 1100 ق.م وينتهي بالفتح الإسلامي في القرن
7م، فتمتدّ هذه الفترة التّاريخية إلى 1900 سنة بشرية، على أنّ كلّ هذه
التّقديرات تبقى في حيّز التّحديد النّسبي إلى أن تظهر براهين تاريخية جديدة تُصلح
هذا التّحديد خاصّة فيما يتعلّق ببداية العصر القديم المغربي.
-
أهمّية دراسة تاريخ المغرب القديم:
إنّ الدّارس لمرحلة تاريخية لإقليم جغرافي ما لابدّ له أن يضع بين عينيه
سببا ملهما يجعله يلج هذا التّاريخ بمنظور ممنهج، ينمّ عن فكر سليم مستقيم، قادر
على وضع أهداف يرتسمها لمسيره في الدّراسة، فدراسة التّواريخ عموما ليس خبطة عشواء
يراد من ورائها معرفة تواريخ معلومة وحوادث مرسومة ليس إلاّ ! بل هي نظرة تهدف إلى معرفة الأسباب وإدراك النّتائج وقياس الفروق
ورفع الأوهام وإبعاد التّشويهات لإدراك قوانين التّطوّر الّتي كانت سببا في حركية
المجتمعات البشرية، من غير إفراط في الوصف أو تفريط في الحكم.
فمن هذا الباب كانت أهمّية دراسة تاريخ المغرب القديم
تكمن في: أنّها تعيننا على معرفة طوابع العمران المغربي القديم، الموصلة إلى معرفة
فروق التّطوّر الّي شهده هذا الإقليم عبر عصوره المتعاقبة على اختلاف تفرّعات هذه
الطّوابع من سياسية واجتماعية واقتصادية ودينية...كما هي محاولة للوقوف على الخلل
المنهجي والممنهج الواقع في قراءة تاريخ المغرب القديم ومصادره، ومحاولة إصلاحه
بنفي التّزييف والتّدليس والأسطرة عنه، ثمّ معرفة موقع بلاد المغرب وسط ساحة
الصّراعات الإقليمية الإمبراطورية أو الحضارية في عصرها القديم، وأثر ملوكه
ومماليكه في كلّ ذلك، وأثر هذه على طبيعة التّطوّر السّياسي والإجتماعي والدّيني
ثمّ معرفة أثر التّعاقب الحضاري الخارجي على بلاد المغرب، وتخليصه من تشعّباته
ونتائجه الموهمة الّتي قد يوردها الكثير من المؤرّخين القدامى وخاصّة المحدثين،
والّتي طبعت الإستريوغرافية الحديثة بما كان لها من توجّهات إديولوجية معلومة وذلك
بدراسة التّسلسل الغربي الحضاري، ومعرفة بداياته ونهاياته وطبائعه، وكشف كيفيته
وأساسياته وثانوياته، مع إدراك أسباب إخفاقاته ونجاحاته، ثمّ إدراك القيمة
الحضارية الّتي خلّفها سكّان بلاد المغرب المتعاقبون، بمختلف أجناسهم وشعوبهم
ومعرفة طبائعها وكيفية استمرارها واندثارها عبر العصور، واسباب ذلك كلّه.
كما يساعدنا على معرفة السياسات الغزّيّة الّتي
استُعملت لإخضاع أهالي بلاد المغرب سياسيا وحضاريا، وطبيعة استجابة المغاربة لها،
وكيفية هذه الإستجابة في أنواعها من غزو سلمي وعنيف، لاستخلاص طبيعة العقلية
المغربية القديمة في مقابلة هذه التّأثيرات الحضارية، ومدى استمرارها في أزمنة
أخرى، وتساعدنا على فهم طبائع االصّراع المغربي المغربي، وامتداداته عبر العصور،
وخصوصيات تبدّله الّتي تحكّمت فيه، وأثر التّأثير الخارجي في تأكيده أو إضعافه،
والمصالح الّتي كانت من ورائه أو أثّرت عليه مع معرفة رموزه العاملين فيه القائدين
له وتوجّهاتهم الحضارية، وأخيرا تعيننا على التّحقيق من الأثر الحضاري لبلاد
المغرب على ما جاورها من الأقاليم الجغرافية، وقمة هذا الأثر من حيث بقائه وزواله.
- تيماالمراقب العام
- :
عدد الرسائل : 1656
العمر : 26
العمل/الترفيه : خياطة و معلمة للاطفال الروضة
المزاج : ممتاز والحمد لله وحياتي مليئة بالتفاؤل
تاريخ التسجيل : 15/01/2013
رد: مدخل لدراسة تاريخ المغرب القديم
الخميس 15 مايو 2014, 12:30
عبر نفحات النسيم واريج الازاهير وخيوط الاصيل
أرسل شكرا من أعماق قلبي على الموضوع الله يجزيك الخير
أرسل شكرا من أعماق قلبي على الموضوع الله يجزيك الخير
- قايشعضو فضي
- :
عدد الرسائل : 586
العمر : 48
العمل/الترفيه : لاشئ
تاريخ التسجيل : 21/08/2008
رد: مدخل لدراسة تاريخ المغرب القديم
الجمعة 16 مايو 2014, 10:47
شكرا
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى