حقنا في فلسطين ديني وليس تاريخياً

حقنا في فلسطين ديني وليس تاريخياً
الشيخ أبو بكر العواودة

بسم الله الرحمن الرحيم‏

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المجاهدين، سيد الأولين والآخرين، سيدنا وقائدنا وقدوتنا محمد (ص) وبعد...

السادة العلماء السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

- فإن فلسطين أرض مباركة ومقدسة ذكرها الله تعالى في كتابه خمس مرات منها قوله تعالى(سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله...).

- وذكرها رسول الله (ص) في أحاديث عدة، منها قوله عليه وعلى آله الصلاة والسلام في مسند أحمد: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك».

قيل أين هم يا رسول الله؟

قال: «في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس».

- ولقدسية القدس وما حولها، لم يرضَ كذلك بأقل من سيدنا عمر بن الخطاب وأبي عبيدة عامر بن الجراح فاتحين لها ومطهرين لها من رجس الرومان مع ثلة مباركة من صحابة الرسول (ص).

- وحين أحتل الصليبيون لم يرضَ الله عز وجل بأقل من صلاح الدين، العابد الزاهد والمجاهد والذي جعل مستشاره الخاص ابن قدامة المقدسي مع ثلة من علماء الأمة وفقهائها الذين رَبُّوا ذلك الجيل. وحين هددها المغول لم يرضَ الله عز وجل بأقل من السلطان قطز ذلك المجاهد الذي رباه سلطان العلماء العز بن عبد السلام حامياً لها.

- من ذلك كله نعلم وندرك أن فلسطين بقداستها وطهرها، تحتاج جيلاً لتحريرها يربيه الفقهاء والدعاة من أمثالكم تحقيقاً لقوله تعالى: «وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة...» الإسراء/7، أي، بجيل تربى على منهاج الصحابة الذين دخلوه أول مرة، وبحل وحسم عسكري كان أيضاً أول مرة.

- أيها الإخوة الأفاضل:

يُكثر الكُتّاب في القضية الفلسطينية من الحديث عن الحق التاريخي للأمة في القدس وما حولها.

وأرى أن حديث علماء الأمة وفقهائها ودعاتها يجب أن ينصّب على الحق الديني لنا فيها، والذي نستمده من كتاب الله وسنة رسوله (ص) والذي يجب أن نربي الأجيال عليه لنجدهم جاهزين يبذلون أموالهم ودماءهم معتقدين القدس وما حولها جزءاً من قرانهم وسنة نبيهم، فهم بذلك يدافعون عن عقيدتهم، فالعقيدة والدين أغلى من النفس والمال، وبذلك يهون البذل والفداء.

وأرفض تركيز هؤلاء على الحق التاريخي لما يلي:

1- إن كثيراً من العرب الذين عاشوا وحكموا فلسطين قبل اليهود كانوا وثنيين على غير عقيدة التوحيد، ولا يليق بمسلم أن يحتج بهم ويترك بني إسرائيل في تلك الفترة الذين كانوا مستخلفين في الأرض وعلى منهاج آبائهم.

2- إن الحديث عن الحق التاريخي فيه إقرار بأن لنا تاريخاً ولهم تاريخ ونقر فيه كذلك بأن لنا حقاً ولهم حق، وهذه النظرة تقضي إلى التنازل وأنصاف الحلول.

3- إن الحديث عن الحق التاريخي بمعزل عن الدين يفضي إلى أن النظرة العربية إلى فلسطين نظرة مادية وأنها أرض الآباء والأجداد، ولكأنها مال يورث، فبذلك يتقاعس الناس عن بذل نفوسهم من أجل هذا المال ويتنازلون عن حقهم هذا بحجج كثيرة كما رأينا ذلك واقعاً عند أصحاب هذه الراية ممثلاً في سلطة الحكم الذاتي المحدود وأعوانهم أصحاب النظرية المادية من عرب اليوم.

4- إن التمسك بالحق التاريخي يفضي إلى التنازل عن كثير من بلاد المسلمين كالأندلس مثلاً، فالحق التاريخي فيها وفي كثير من بلاد المسلمين حتماً سيؤول إلى أقوام سكنوا وحكموا تلك البلاد من غير المسلمين، وهذا مما لا يجوز أن يقول به مسلم يؤمن بدينه ويسعى لتحكيم شرع الله في هذا العالم.

وأخيراً... أوصي نفسي وإياكم بإعداد الأجيال على كون فلسطين عقيدة وديناً وليست تراباً وطيناً حتى تشتاق الأجيال لبذل دمائها من أجل دينها وعقيدتها كما نرى ذلك واقعاً يعيشه شعبنا المجاهد وخصوصاً ما يسطره إخوانكم في كتائب عز الدين القسام الذين يتربون على هذا المنبثق من كتاب الله وسنة نبيه عليه وعلى اله أفضل الصلاة والسلام.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين...والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

_ _ _
[b]