أطفالنا والشرود الذهني: مشكلة حقيقية أم مرحلة نمائية ؟
الإثنين 26 مايو 2008, 19:24
أطفالنا والشرود الذهني: مشكلة حقيقية أم مرحلة نمائية ؟
هالة طفلة في الثامنة متفوقة دائما في دروسها متميزة في فصلها، منذ ما يزيد على الثلاثة أشهر لاحظت المدرسة كثرة شرود هالة في الفصل، كما لاحظت والدة هالة بدء هبوط مستواها الدراسي ونزول درجاتها السنوية. لم تكن هالة تتعرض لأي مشكلات أسرية قد تدفعها للهرب من الواقع لاجئة للشرود، كما أنها تعتبر ناجحة اجتماعيا ولديها عدد لا بأس به من الصديقات. حاولت الأم التقرب من ابنتها الصغيرة و الاستماع لها علها تصل إلى سبب تغير وشرود هالة ولكن بلا جدوى. لم يجد والد هالة بدا من أن يأخذها إلى اختصاصي أطفال ليتأكد من سلامة ابنته، وكان الوالد متأكدا في قرارة نفسه أن المسألة ليست ضارة ولن تتجاوز حدود "السرحان" العادي الذي يقع فيه كل منا أحيانا بأي حال من الأحوال. وبعد الاستشارة تعلمت الأسرة أن مسألة الشرود الذهني وإن كانت شائعة بين الأطفال ولكن يجب أن لا يسمح للطفل أن يغمس نفسه فيها إلى حد الذوبان. وإن كانت حالة الشرود حالة سهلة التشخيص ولكنها بالمقابل حالة يصعب التخلص منها خاصة إذا وصل الطفل إلى مرحلة الذوبان في الشرود والتي قد تلحق الضرر به وبغيره من الأطفال المحيطين به.
وحالة هالة عرفت منذ التاريخ وعرف بها الكثير من المشاهير مثل مارك توين. فقد كتب في مذكراته أنه كان يعاني من كثرة الشرود التي تفصله عن الواقع لدرجة أنه في مرة أقل ابنه الرضيع معه في السيارة ونسي النافذة مفتوحة فطارت ثياب الرضيع وتوين غارق في شروده حتى تغير لون الرضيع إلى الأزرق وتوفي بعد عدة أيام!
الأطفال كثيرو الشرود يتميزون بشكل عام بالذكاء والحساسية والعمق. والشرود الذهني يعتبر هربا من الواقع من ذكريات غير سارة أو مواقف عصيبة قد تمر على الإنسان. والأطفال بطبيعتهم الرقيقة والحساسة قد يتعرضون للتوتر والتهديد والخوف من أبسط الأشياء حولهم في عالمهم الصغير وعليه يجب على المحيطين توفير الأمان والاحترام اللازمين لطبيعة الطفل وعالمه الصغير. ويجب على المحيطين تشجيع أطفالهم كما هم وتنمية أطفالهم كما يحب أن يكون الأطفال أنفسهم لا كما يوافق طموحات وأحلام الآباء. عندما يتحدث الطفل يجب أن تستمع إليه أسرته دون مقاطعة أو استهزاء ويجب أن يعطى مساحة من الحرية للتعبير عن نفسه وطموحاته ومشاعره بشتي الطرق وعن طريق اللعب.
الشرود الذهني يشحذ الخيال وينميه ولكن بالمقابل يعتبر انفصالا تدريجيا عن الواقع. هذا الانفصال قد يكون ضارا كأن يفقد الطفل مستواه الدراسي مثلا، وقد يصل إلى حد الخطورة كأن يشرد الطفل أثناء سيره في الطريق أو يركب الحافلة الخطأ إلى غير ذلك من المخاطر التي قد يتعرض لها وهو غائب الذهن.
كيف يبدأ الشرود الذهني؟
تبدأ حالة الشرود الذهني عندما يتعرض الطفل لموقف عصيب يشكل ضغطا نفسيا عليه، أو موقف صعب أو محزن فلا يجد الطفل ملاذا من الواقع المرير سوى اللجوء إلى عالم الخيال ونسج قصص تخفف عليه وطأة الواقع. ومع زيادة الضغط ولذة العيش في الحلم يزداد الانفصال عن الواقع تدريجيا حتى يصبح الطفل غير قادر على إكمال الفروض المدرسية مثلا أو تلوين لوحة قد شرع بها. وقد تزداد حالة الانفصال هذه حتى تصل إلى صعوبة التواصل مع الواقع ومع الحياة الاجتماعية والمجتمع من حوله. وقد تلاحظ الأسرة تدني وتدهور مستوى الطفل الدراسي تدريجيا مع أنه يقضي جل الوقت مدفونا بين الكتب والفروض المدرسية، ولا يقضي الوقت كأخوته في مشاهدة التلفاز أو اللعب أو خلافه، وعلى الأرجح أن الطفل وإن كان دافنا رأسه بين الكتب ولكن ذهنه مغيب في عوالم أخرى تتغذى على الخيال.
الشرود الذهني والمرض النفسي
لا يعتبر كل الشرود مدعاة للتدخل النفسي، فبعض الشرود الذهني مهم وضروري لشحذ الخيال وتنميته. و قد يدل الشرود الذهني على ذكاء ونبوغ بالغين فالأدباء والمبدعون يسخرون الشرود الذهني نحو الإبداع ويبلورون خيالهم إلى قصائد وروايات وقصص متميزة. فلو لاحظت الأسرة والمعلم أن بعض الشرود تحت السيطرة ولا يؤثر على مستوى الطالب المدرسي وعلى حياته الاجتماعية فلا ضير في ذلك بل على العكس. ولكن إذا وصل الشرود إلى حد الذوبان والانفصال عن الواقع والأصدقاء وتدني المستوى الدراسي فتدخل الأسرة والاختصاصيين يصبح فرضا. و قد يكون الشرود الذهني دالا على مرض أو اضطراب نفسي أكثر تعقيدا كفرط النشاط وتشتت الانتباه ADHD والتي يتميز أفرادها غالبا بالشرود الذهني ولا يبت في هذه الحالة سوى المختصين. وقد تكون حالات الشرود كذلك علامة من علامات الاكتئاب والفصام وغيرها من الحالات النفسية المتقدمة والتي تستلزم التدخل العلاجي النفسي.
كيف نقلل من شرود أطفالنا في المنزل والمدرسة؟
1- الملاحظة العامة للطفل في المنزل: على الأسرة أن تلاحظ أمرين في صحة الطفل وهما أخذه القسط الكافي من الراحة والنوم وتناوله الغذاء السليم الذي يحتاجه للنمو. فالطفل المتعب قليل النوم يميل أكثر من غيره للشرود، كما أن الإرهاق و قلة النوم وسوء التغذية قد تؤدي إلى تدهور المستوى الدراسي والذي قد يتهم فيه الشرود الذهني بلا ذنب.
2- النشاط البدني: يحتاج الطفل بشكل عام إلى الحركة والنشاطين البدني والذهني وخاصة الأنشطة الجماعية كالتنس والسباحة واللعب في الحديقة مع الأقران والإخوان. وهناك بعض الألعاب تنمي مهارات التركيز لدى الطفل كالألعاب التي تتطلب مهارات ذهنية عالية مثل الجولف والتنس والكريكيت.
3- التلفاز: أثبتت الدراسات العلمية أن التلفاز يساعد على انفصال المشاهد عن الواقع وينقله إلى عالم من اللاوعي. وعلى الأسرة أن تحافظ على صحة أفرادها النفسية بتقليل وتقنين عدد ساعات مشاهدة التلفاز واختيار نوعية معينة من البرامج لا تدعو إلى العنف أو تدفع إلى عالم الخيال كأفلام السحرة وعلاء الدين والأميرة الجميلة وغيرها.
4- الألعاب التلفزيونية: تعتبر الألعاب التي تركب على أجهزة التلفزيون من أخطر الوسائل التي تفصل عن الواقع. وقد لوحظ في عدد من الدراسات في الولايات المتحدة الأمريكية أن الأطفال الذين يقضون وقتا طويلا في اللعب على مثل هذه الأجهزة يميلون إلى العنف في حياتهم، يتجهون إلى عالم الإجرام، ينفصلون عن الواقع وعن الأصدقاء، لديهم سوء في التغذية، يتدهور مستواهم الدراسي، كما قد تظهر لديهم بعض الأعراض النفسية كالتبول الليلي وعدم القدرة على تكوين صداقات والعزلة وكثرة الشرود.
5- المتغيرات الحياتية: على الأسرة وبالتعاون مع المدرسة معرفة سبب شرود الطفل الفجائي. وقد يرجع السبب إلى متغير جديد حتى وإن كان بسيطا كالانتقال إلى بيت جديد أو ولادة طفل أو الانتقال إلى مدرسة جديدة. وقد يكون المتغير قويا وصادما للطفل كوفاة عزيز أو طلاق.
6- قائمة إكمال المهام: على الأسرة أن تضع جدولا للطفل كثير الشرود بجميع الفروض المدرسية والواجبات المنزلية على أسس يومية. وتشطب تلك المهام حال انتهاء الطفل منها وبذلك يعرف الطفل أنه محل مراقبة وتتأكد الأسرة من انتهاء الطفل من فروضه.
7- التعاون مع المدرسة أمر ضروري: قد يتعرض الطفل لبعض المشكلات في المدرسة والتي قد تغيب عن الأسرة كمشكلات الأطفال الأقوياء الذين يضربون غيرهم أو عدم قدرته على التكيف مع الأصدقاء والمدرسة. ويجب على الأسرة أن تتحدث بصراحة مع مسئول المدرسة عن حالة الطفل حتى تؤخذ بعين الاعتبار ولا يوضع الطفل محل سخرية أو غضب المدرس في الفصل أمام الطلاب. وعلى المدرس في هذه الحالة التأكد من جلوس الطفل كثير الشرود في المقاعد الأمامية وبعيدا عن النافذة أو الباب حتى يضمن تركيز الطفل أكثر وقت ممكن.
دور المعلم في شرود الأطفال الذهني
للمعلم دور كبير في الحد والتقليل من شرود الأطفال ومن تلك الأمور:
1- التأكد من جلوس الطفل في مكان بعيد عن المؤثرات الخارجية كالأصوات والنافذة. وأفضل الأماكن لجلوس الطفل كثير الشرود وكما ذكرت سابقا هو المقعد الأمامي أمام المعلم حتى لا يسمح له بالشرود.
2- ملاحظة الطالب في الحصة بين الحين والآخر كأن ينبه الطالب إذا لاحظ عليه علامات الشرود بقوله مثلا: أليس كذلك يا أحمد؟ دون إحراج.
3- معاملة الطالب كثير الشرود معاملة خاصة تتناسب وحساسيته. فالغضب والصراخ والتجاهل والاتهام بالسرحان والشرود وغيرها من وسائل العنف اللفظية والجسدية قد تزيد المسألة تعقيدا وتزيد من حالة الانفصال بين الطفل والواقع بلجوء الطفل إلى عالم الخيال الأكثر أمانا حيث لا صراخ وحيث العالم أكثر احتواء له وتفهما لشخصيته.
4- كتابة الفروض المنزلية للطفل أو التأكد من أن الطالب كتبها جميعها في كراسة حتى يتذكرها في المنزل. وكذلك التأكد من أن الطالب أخذ جميع كتبه وكراساته معه إلى المنزل. فالطفل كثير الشرود كثير النسيان بالتبعية ويجب أن يساعده المعلم على أن يساعد نفسه. ومن الخطأ أن يتعمد المعلم عدم تذكير الطفل بأخذ كتبه وكتابة فروضه في كراسة حتى يأتي اليوم اللاحق بفرض أن تعرض للعقاب سيلقنه درسا وبذلك لن ينس الطالب مرة أخرى، وهذه الفرضية لا تنطبق على الطالب كثير الشرود لأنه ينسى ويشرد دون إرادته ويحتاج لمساعدة لا لعقاب.
5- التعاون الجاد مع الأسرة فكما على الأسرة أن تتحدث بأمانة مع المدرسة كذلك المعلم يجب أن يتحدث بأمانة وتعاون من أجل مصلحة الطالب. فيجب أن يكون واضحا في ذهن المعلم أن الهدف من عملية التعليم ليست تلقين و تكديس المعلومات في ذهن الطالب بل تنمية الطالب ورعايته بجميع جوانبه النفسية والاجتماعية والعلمية والإبداعيه وهذا يتم بالتعاون مع الأسرة.
6- تفهم حالة الطفل النفسية والتصرف في ضوئها من الأمور الأساسية التي قد تعيد الطفل إلى حالته الأولى. فقد يكون الطفل قد مر بأزمة حديثة في حياته كالطلاق أو وفاة عزيز. ومثل تلك الصدمات تؤدي إلى تدهور المستوى الدراسي، الميل للعنف أو الانعزال، كثرة الشرود ، وعدم القدرة على التركيز وإنجاز المهام. وهنا يأتي دور المعلم في التخفيف من حزن الطالب ومحاولة اخراجه من شروده وعزلته بإدخاله في مجموعات دراسية مع أقران جيدين وإلحاقة ببعض الأنشطة الجماعية، والابتعاد النهائي عن السخرية والتقليل من شأنه، والانصات له دون مقاطعة.
هالة طفلة في الثامنة متفوقة دائما في دروسها متميزة في فصلها، منذ ما يزيد على الثلاثة أشهر لاحظت المدرسة كثرة شرود هالة في الفصل، كما لاحظت والدة هالة بدء هبوط مستواها الدراسي ونزول درجاتها السنوية. لم تكن هالة تتعرض لأي مشكلات أسرية قد تدفعها للهرب من الواقع لاجئة للشرود، كما أنها تعتبر ناجحة اجتماعيا ولديها عدد لا بأس به من الصديقات. حاولت الأم التقرب من ابنتها الصغيرة و الاستماع لها علها تصل إلى سبب تغير وشرود هالة ولكن بلا جدوى. لم يجد والد هالة بدا من أن يأخذها إلى اختصاصي أطفال ليتأكد من سلامة ابنته، وكان الوالد متأكدا في قرارة نفسه أن المسألة ليست ضارة ولن تتجاوز حدود "السرحان" العادي الذي يقع فيه كل منا أحيانا بأي حال من الأحوال. وبعد الاستشارة تعلمت الأسرة أن مسألة الشرود الذهني وإن كانت شائعة بين الأطفال ولكن يجب أن لا يسمح للطفل أن يغمس نفسه فيها إلى حد الذوبان. وإن كانت حالة الشرود حالة سهلة التشخيص ولكنها بالمقابل حالة يصعب التخلص منها خاصة إذا وصل الطفل إلى مرحلة الذوبان في الشرود والتي قد تلحق الضرر به وبغيره من الأطفال المحيطين به.
وحالة هالة عرفت منذ التاريخ وعرف بها الكثير من المشاهير مثل مارك توين. فقد كتب في مذكراته أنه كان يعاني من كثرة الشرود التي تفصله عن الواقع لدرجة أنه في مرة أقل ابنه الرضيع معه في السيارة ونسي النافذة مفتوحة فطارت ثياب الرضيع وتوين غارق في شروده حتى تغير لون الرضيع إلى الأزرق وتوفي بعد عدة أيام!
الأطفال كثيرو الشرود يتميزون بشكل عام بالذكاء والحساسية والعمق. والشرود الذهني يعتبر هربا من الواقع من ذكريات غير سارة أو مواقف عصيبة قد تمر على الإنسان. والأطفال بطبيعتهم الرقيقة والحساسة قد يتعرضون للتوتر والتهديد والخوف من أبسط الأشياء حولهم في عالمهم الصغير وعليه يجب على المحيطين توفير الأمان والاحترام اللازمين لطبيعة الطفل وعالمه الصغير. ويجب على المحيطين تشجيع أطفالهم كما هم وتنمية أطفالهم كما يحب أن يكون الأطفال أنفسهم لا كما يوافق طموحات وأحلام الآباء. عندما يتحدث الطفل يجب أن تستمع إليه أسرته دون مقاطعة أو استهزاء ويجب أن يعطى مساحة من الحرية للتعبير عن نفسه وطموحاته ومشاعره بشتي الطرق وعن طريق اللعب.
الشرود الذهني يشحذ الخيال وينميه ولكن بالمقابل يعتبر انفصالا تدريجيا عن الواقع. هذا الانفصال قد يكون ضارا كأن يفقد الطفل مستواه الدراسي مثلا، وقد يصل إلى حد الخطورة كأن يشرد الطفل أثناء سيره في الطريق أو يركب الحافلة الخطأ إلى غير ذلك من المخاطر التي قد يتعرض لها وهو غائب الذهن.
كيف يبدأ الشرود الذهني؟
تبدأ حالة الشرود الذهني عندما يتعرض الطفل لموقف عصيب يشكل ضغطا نفسيا عليه، أو موقف صعب أو محزن فلا يجد الطفل ملاذا من الواقع المرير سوى اللجوء إلى عالم الخيال ونسج قصص تخفف عليه وطأة الواقع. ومع زيادة الضغط ولذة العيش في الحلم يزداد الانفصال عن الواقع تدريجيا حتى يصبح الطفل غير قادر على إكمال الفروض المدرسية مثلا أو تلوين لوحة قد شرع بها. وقد تزداد حالة الانفصال هذه حتى تصل إلى صعوبة التواصل مع الواقع ومع الحياة الاجتماعية والمجتمع من حوله. وقد تلاحظ الأسرة تدني وتدهور مستوى الطفل الدراسي تدريجيا مع أنه يقضي جل الوقت مدفونا بين الكتب والفروض المدرسية، ولا يقضي الوقت كأخوته في مشاهدة التلفاز أو اللعب أو خلافه، وعلى الأرجح أن الطفل وإن كان دافنا رأسه بين الكتب ولكن ذهنه مغيب في عوالم أخرى تتغذى على الخيال.
الشرود الذهني والمرض النفسي
لا يعتبر كل الشرود مدعاة للتدخل النفسي، فبعض الشرود الذهني مهم وضروري لشحذ الخيال وتنميته. و قد يدل الشرود الذهني على ذكاء ونبوغ بالغين فالأدباء والمبدعون يسخرون الشرود الذهني نحو الإبداع ويبلورون خيالهم إلى قصائد وروايات وقصص متميزة. فلو لاحظت الأسرة والمعلم أن بعض الشرود تحت السيطرة ولا يؤثر على مستوى الطالب المدرسي وعلى حياته الاجتماعية فلا ضير في ذلك بل على العكس. ولكن إذا وصل الشرود إلى حد الذوبان والانفصال عن الواقع والأصدقاء وتدني المستوى الدراسي فتدخل الأسرة والاختصاصيين يصبح فرضا. و قد يكون الشرود الذهني دالا على مرض أو اضطراب نفسي أكثر تعقيدا كفرط النشاط وتشتت الانتباه ADHD والتي يتميز أفرادها غالبا بالشرود الذهني ولا يبت في هذه الحالة سوى المختصين. وقد تكون حالات الشرود كذلك علامة من علامات الاكتئاب والفصام وغيرها من الحالات النفسية المتقدمة والتي تستلزم التدخل العلاجي النفسي.
كيف نقلل من شرود أطفالنا في المنزل والمدرسة؟
1- الملاحظة العامة للطفل في المنزل: على الأسرة أن تلاحظ أمرين في صحة الطفل وهما أخذه القسط الكافي من الراحة والنوم وتناوله الغذاء السليم الذي يحتاجه للنمو. فالطفل المتعب قليل النوم يميل أكثر من غيره للشرود، كما أن الإرهاق و قلة النوم وسوء التغذية قد تؤدي إلى تدهور المستوى الدراسي والذي قد يتهم فيه الشرود الذهني بلا ذنب.
2- النشاط البدني: يحتاج الطفل بشكل عام إلى الحركة والنشاطين البدني والذهني وخاصة الأنشطة الجماعية كالتنس والسباحة واللعب في الحديقة مع الأقران والإخوان. وهناك بعض الألعاب تنمي مهارات التركيز لدى الطفل كالألعاب التي تتطلب مهارات ذهنية عالية مثل الجولف والتنس والكريكيت.
3- التلفاز: أثبتت الدراسات العلمية أن التلفاز يساعد على انفصال المشاهد عن الواقع وينقله إلى عالم من اللاوعي. وعلى الأسرة أن تحافظ على صحة أفرادها النفسية بتقليل وتقنين عدد ساعات مشاهدة التلفاز واختيار نوعية معينة من البرامج لا تدعو إلى العنف أو تدفع إلى عالم الخيال كأفلام السحرة وعلاء الدين والأميرة الجميلة وغيرها.
4- الألعاب التلفزيونية: تعتبر الألعاب التي تركب على أجهزة التلفزيون من أخطر الوسائل التي تفصل عن الواقع. وقد لوحظ في عدد من الدراسات في الولايات المتحدة الأمريكية أن الأطفال الذين يقضون وقتا طويلا في اللعب على مثل هذه الأجهزة يميلون إلى العنف في حياتهم، يتجهون إلى عالم الإجرام، ينفصلون عن الواقع وعن الأصدقاء، لديهم سوء في التغذية، يتدهور مستواهم الدراسي، كما قد تظهر لديهم بعض الأعراض النفسية كالتبول الليلي وعدم القدرة على تكوين صداقات والعزلة وكثرة الشرود.
5- المتغيرات الحياتية: على الأسرة وبالتعاون مع المدرسة معرفة سبب شرود الطفل الفجائي. وقد يرجع السبب إلى متغير جديد حتى وإن كان بسيطا كالانتقال إلى بيت جديد أو ولادة طفل أو الانتقال إلى مدرسة جديدة. وقد يكون المتغير قويا وصادما للطفل كوفاة عزيز أو طلاق.
6- قائمة إكمال المهام: على الأسرة أن تضع جدولا للطفل كثير الشرود بجميع الفروض المدرسية والواجبات المنزلية على أسس يومية. وتشطب تلك المهام حال انتهاء الطفل منها وبذلك يعرف الطفل أنه محل مراقبة وتتأكد الأسرة من انتهاء الطفل من فروضه.
7- التعاون مع المدرسة أمر ضروري: قد يتعرض الطفل لبعض المشكلات في المدرسة والتي قد تغيب عن الأسرة كمشكلات الأطفال الأقوياء الذين يضربون غيرهم أو عدم قدرته على التكيف مع الأصدقاء والمدرسة. ويجب على الأسرة أن تتحدث بصراحة مع مسئول المدرسة عن حالة الطفل حتى تؤخذ بعين الاعتبار ولا يوضع الطفل محل سخرية أو غضب المدرس في الفصل أمام الطلاب. وعلى المدرس في هذه الحالة التأكد من جلوس الطفل كثير الشرود في المقاعد الأمامية وبعيدا عن النافذة أو الباب حتى يضمن تركيز الطفل أكثر وقت ممكن.
دور المعلم في شرود الأطفال الذهني
للمعلم دور كبير في الحد والتقليل من شرود الأطفال ومن تلك الأمور:
1- التأكد من جلوس الطفل في مكان بعيد عن المؤثرات الخارجية كالأصوات والنافذة. وأفضل الأماكن لجلوس الطفل كثير الشرود وكما ذكرت سابقا هو المقعد الأمامي أمام المعلم حتى لا يسمح له بالشرود.
2- ملاحظة الطالب في الحصة بين الحين والآخر كأن ينبه الطالب إذا لاحظ عليه علامات الشرود بقوله مثلا: أليس كذلك يا أحمد؟ دون إحراج.
3- معاملة الطالب كثير الشرود معاملة خاصة تتناسب وحساسيته. فالغضب والصراخ والتجاهل والاتهام بالسرحان والشرود وغيرها من وسائل العنف اللفظية والجسدية قد تزيد المسألة تعقيدا وتزيد من حالة الانفصال بين الطفل والواقع بلجوء الطفل إلى عالم الخيال الأكثر أمانا حيث لا صراخ وحيث العالم أكثر احتواء له وتفهما لشخصيته.
4- كتابة الفروض المنزلية للطفل أو التأكد من أن الطالب كتبها جميعها في كراسة حتى يتذكرها في المنزل. وكذلك التأكد من أن الطالب أخذ جميع كتبه وكراساته معه إلى المنزل. فالطفل كثير الشرود كثير النسيان بالتبعية ويجب أن يساعده المعلم على أن يساعد نفسه. ومن الخطأ أن يتعمد المعلم عدم تذكير الطفل بأخذ كتبه وكتابة فروضه في كراسة حتى يأتي اليوم اللاحق بفرض أن تعرض للعقاب سيلقنه درسا وبذلك لن ينس الطالب مرة أخرى، وهذه الفرضية لا تنطبق على الطالب كثير الشرود لأنه ينسى ويشرد دون إرادته ويحتاج لمساعدة لا لعقاب.
5- التعاون الجاد مع الأسرة فكما على الأسرة أن تتحدث بأمانة مع المدرسة كذلك المعلم يجب أن يتحدث بأمانة وتعاون من أجل مصلحة الطالب. فيجب أن يكون واضحا في ذهن المعلم أن الهدف من عملية التعليم ليست تلقين و تكديس المعلومات في ذهن الطالب بل تنمية الطالب ورعايته بجميع جوانبه النفسية والاجتماعية والعلمية والإبداعيه وهذا يتم بالتعاون مع الأسرة.
6- تفهم حالة الطفل النفسية والتصرف في ضوئها من الأمور الأساسية التي قد تعيد الطفل إلى حالته الأولى. فقد يكون الطفل قد مر بأزمة حديثة في حياته كالطلاق أو وفاة عزيز. ومثل تلك الصدمات تؤدي إلى تدهور المستوى الدراسي، الميل للعنف أو الانعزال، كثرة الشرود ، وعدم القدرة على التركيز وإنجاز المهام. وهنا يأتي دور المعلم في التخفيف من حزن الطالب ومحاولة اخراجه من شروده وعزلته بإدخاله في مجموعات دراسية مع أقران جيدين وإلحاقة ببعض الأنشطة الجماعية، والابتعاد النهائي عن السخرية والتقليل من شأنه، والانصات له دون مقاطعة.
- khawlaعضو جديد
- :
عدد الرسائل : 42
العمر : 61
تاريخ التسجيل : 14/05/2008
رد:اطفالنا والشرود الدهني
الجمعة 08 أغسطس 2008, 21:04
موضوع جيد ،يعالج مشكلة لطالما لاحظناها على ابنائنا و لم نعثر لها على حل.جزاك الله خيرا.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى