منتديات الونشريسي التعليمية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
دخول
بحـث
نتائج البحث
بحث متقدم
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
11660 المساهمات
3413 المساهمات
3332 المساهمات
3308 المساهمات
2855 المساهمات
2254 المساهمات
2058 المساهمات
2046 المساهمات
1937 المساهمات
1776 المساهمات
تدفق ال RSS

Yahoo! 
MSN 
AOL 
Netvibes 
Bloglines 
كود انت غير مسجل
مرحبا أيها الزائر الكريم, قرائتك لهذه الرسالة... يعني انك غير مسجل لدينا في المنتدى .. اضغط هنا للتسجيل .. ولتمتلك بعدها المزايا الكاملة, وتسعدنا بوجودك
facebook1
iframe
إعلانات تجارية

    لا يوجد حالياً أي إعلان


    اذهب الى الأسفل
    avatar
    wiliam wallace
    عضو جديد
    عضو جديد
      : الإحتلال الإسباني لتونس 1535-1574 15781610
    ذكر
    عدد الرسائل : 18
    العمر : 34
    تاريخ التسجيل : 22/08/2012
    الإحتلال الإسباني لتونس 1535-1574 Aoiss

    ???? الإحتلال الإسباني لتونس 1535-1574

    الثلاثاء 04 ديسمبر 2012, 00:01
    بحث حول الإحتلال الإسباني لتونـس 1535م-1574م

    خطة البحث
    مقدّمـة
    تمهيـد
    الفصل الأوّل: بوادر الإحتلال الإسباني لتونس

    1- استنجاد "الرشيد" بالعثمانيين ودخولهم لتونـس
    2- استنجاد "الحسن الحفصي" بشارلكان
    3- حملة شارلكان واحتلال تونس 1535م

    الفصل الثاني: تونـس بين القوة العثمانية والإسبانية

    1- علي باشا واسترجاع تونس 1569م
    2- معركة ليبانت 1571م وانكسار العثمانيين في تونس
    3- "سنان باشا" والقضاء على الوجود الإسباني-الحفصي بتونـس 1574م
    خاتمة
    قائمة المصادر والمراجع


    مقدمــة:

    إنّ العداء بين الإسلام والمسيحية المحرّفة قد بدأ منذ زمن بعيد وقد اشتدّ كثيرا مع الحروب الصليبية على ديار الإسلام في الشرق من 1095-1291 وكما نعلم فقد كانت آخر حملة صليبية على المسلمين تلك الّتي قادها الملك الفرنسي لويس التاسع على تونس وشاء القدر أن تفشل ويتوفى الملك الفرنسي بالوباء، هذا كان في زمن العصور الوسطى.
    أمّا في العصر الحديث فقد بدأت إسبانيا بشنّ حرب الاسترداد ضدّ مسلمي الأندلس بل ولاحقتهم حتى سواحل شمال إفريقيا فمنهم من فرّ نحو المغرب والجزائر وطرابلس ومنهم من حطّ الرحال بإفريقية فلاحقتهم هناك واحتلت السواحل التونسية لمدّة قاربت 40 سنة، فاليوم سوف نقدّم بحثا عن هذه المدّة بعنوان "السيطرة الإسبانية على تونس 1535-1574".
    كان هدف اختيارنا لهذا الموضوع هو دراسة هذه الفترة الّتي لم يكتب عليها إلا الشيء القليل نظرا لقصرها وإبراز أهمّ النقاط الغامضة عن تاريخ تونس الحديث في الفترة الإسبانية.
    لهذا طرحنا الإشكالية التالية وهي كيف تحتل دولة إسلامية محاطة من طرف إيالات تابعة لأقوى خلافة في هذا الزمان ألا وهي الدولة العثمانية؟ وللإجابة على هذه الإشكالية تطرقنا إلى خطّة بحث محكمة تضمّنت مقدمة وتمهيد وفصلين، درسنا في الفصل الأوّل بوادر الإحتلال الإسباني لتونس وحملة شارلكان عليها، أمّا الفصل الثاني فتناولنا فيه تنازع القوتين العثمانية والإسبانية على تونس من خلال استرجاعها عام 1569م من طرف العثمانيين ثم افتكاكها منهم عام 1573م منهم من طرف الإسبان ثمّ القضاء النهائي على الإسبان والحفصيين من طرف القائد العثماني "سنان باشا" سنة 1574م.
    أمّا المنهج المتبع فقد اعتمدنا على المنهج التاريخي الوصفي، واستخدمنا في بحثنا هذا مصدر المؤنس في أخبار إفريقيا وتونس لابن ابي دينار ومراجع منها كتاب حرب الثلاثمئة سنة بين الجزائر وإسبانيا لأحمد توفيق المدني وكتاب السلطنة الحفصية لمحمد العروسي المطوي وكذا تاب الأتراك العثمانيون في شمال إفريقيا لعزيز سامح التر، بالإضافة إلى مراجع أخرى سوف نذكرها في البحث.

    تمهيــــــــــد:

    ماكاد القرن 16م أن يطلع حتّى كان الإسبان يحتلّون العديد من المراسي والمدن السّاحلية لبلاد المغرب الكبير، وقد كانت رغبة الإسبان إنشاء امبراطورية صليبية مترامية الأطراف على طول سواحل شمال إفريقيا حيث أنّهم بعد انتصارهم على المسلمين في الأندلس فكّروا في توسيع ملكهم فبادروا إلى السّيطرة على حوض البحر الأبيض المتوسّط واحتلال الشّواطئ الإسبانية .
    نجح الإسبان في تحقيق ذلك حيث لم يكن هناك سلطة مركزية يلتفّ حولها السّكّان فتكون قادرة على تزعّم الجهاد ضدّ الغزاة فبدلا من هذه السّلطة كانت دول المغرب الثلاث المرينية والزيانية والحفصية في صراع بينها، زد على ذلك فنحن نعلم جيّدا العداوة التقليدية القائمة بين الإسلام والمسيحية المحرّفة حيث بعد توحّد إسبانيا إثر زواج فارديناند ملك أراغون وإيزابيلا ملكة قشتالة وسقوط غرناطة عام 1492م رغب هذا الملك الكاثوليكي في الوهلة الأولى في احتلال بلاد الإسلام في شمال إفريقيا لنشر المسيحية المحرّفة بها.
    لقد كان الإسبان يريدون احتلال تونس نظرا لموقعها الإستراتيجي الممتاز حيث أنّها تطلّ على مضيق صقلية ذلك الممرّ الرّابط بين البحر الأبيض المتوسّط الشّرقي والغربي وأصبحت إسبانيا بعد الكشوف الجغرافية تبحث عن اسواق خارجية لبعث تجارتها وإلى ثغور جديدة تحتلّها لحماية أساطيلها المثقلة بالحمولات، فكان عليها بالتّالي احتلال السّواحل المغربيـة .
    إنّ تداخل العامل الإقتصادي مع التعصّب الديني دفع بالإسبان باتّباع سياسة توسّعية استعمارية اتّبعوها منذ احتلالهم لمدينة تطوان عام 1401م إلى احتلالهم آخر ثغر في شمال إفريقيا، حيث توسّعوا إلى الجزائر واحتلّوا وهران وبجاية ثمّ دمّروا ميناء طرابلس عام 1510م. وتوجّهت أنظارهم إلى تونس الّتي كانت تشهد صراعات داخلية بين ملوك الدّولة الحفصية.
    كانت تونس الحفصية في هذا الوقت تحت حكم "أبو عبد الله محمد الخامس" (1494-1526) وقد كان هذا الخليفة يشعر بالضّعف وبعدم قدرته الوقوف أمام الغارات الإسبانية والمالطية المتعدّدة على السّواحل التونسية ، وقد عرفت فترته انحطاطا كبيرا للدولة الحفصية حيث سيطر القراصنة الإسبان على جزء كبير من سواحل تونس وكذا سيطرة العثمانيين على جزيرة جربة الّتي اتّخذوها قاعدة لجهادهم البحري .
    بعد وفاة "أبو عبد الله" خلفه ابنه "الحسن" (1526-1569) بعد أن عيّنه أباه خلفا له وقد أمل أنّ الأقارب سوف يؤيدّونه لكن الحسن لما جلس على العرش أخذ في قتل إخوته وأخواته ولم ينج سوى "الرشيد" ، وهناك رواية أخرى كذلك تقر أنّ وصول الحسن إلى الملك بعد قتل إخوته ولم ينج منهم إلا "الرشيد" و"عبد المؤمن" لغيبتهما ، وهذا القول الأخير نقله المؤرخ عن الدمشقي في كتابه أخبار الدول، وهناك رواية أخرى كذلك تقول إنّما وصل للحكم بفضل أمّه ومناوراتها، لأجل ذلك بدأت ولايته بحروب أهلية بين أنصاره وأنصار أشقّائه وثورات انتهت بانتصاره وبهروب "الرشيد" أخيه للإستنجاد بالعثمانيين.


    الفصل الأول: بوادر الإحتلال الإسباني لتونس


    1- استنجاد "الرشيد" بالعثمانيّين ودخولهم لتونـس:

    لجأ "الرشيد" بعد ظلم أخيه "الحسن" إلى الجزائر طلبا للمساعدة من واليها "خير الدّين باشا" فاصطحب هذا الأخير "الرشيد" معه إلى الآستانة سنة 1533م، واستطاع أن يقنع السّلطان العثماني آنذاك "سليمان القانوني" من ضمّ تونس إلى الممتلكات العثمانية وأن يزوّده بأسطول كبير لهذا الغرض ، لبّى السّلطان سليمان الطّلب وزوّده بمائة وخمسين سفينة حربية.
    وهنا اختلف المؤرّخون في مسار حملة خير الدّين باشا فهناك روايتين: الأولى تقول أنّ خير الدّين باشا خرج من الجزائر على جيش كبير واستولى على بنزرت ودخل تونس عام 1529م!!! وخطب بها للسّلطان العثماني ، أمّا الرّواية الثّانية فتقول أنّ "خيرالدّين" عندما كان في الآستانة لم يتوجّه منها مباشرة إلى تونس إنّما قام بغزوات على جنوب إيطاليا ومالطة وسردينيا وعلى بعض القلاع مثل قلعة "ريجه" و"أوسيدو" و"جيترارو" و"أسبرلونجا"، وقد قصد خير الدين مهاجمة السواحل الأوروبية رغبة منه في نشر الرّعب في نفوس الأوروبّيّين فقط وتمهيدا للهجوم على تونس وبعمله هذا أجبر الحكومات الأوروبية على توزيع قوّاتها خوفا من ضربة أخرى وكذا صرف أنظار الأوروبيين عن مهاجمته لتونس ومن ثمّ اتّجه لبنزرت تمهيدا لدخول تونس ، والرّواية الثّانية أقرب للحقيقة لأنّنا ذكرنا أنّ خير الدّين باشا قد ذهب للآستانة فكيف له أن يهاجم تونس عبر خروجه من الجزائر كما ذكرنا في الرّواية الأولى؟!!! كما نرى كذلك أن خير الدين باشا ذهب إلى الآستانة سنة 1533م في الرواية الثّانية والرّواية الأولى تقول أنّه دخل تونس سنة 1529م!!!.
    على العموم تحرّك الأسطول العثماني من بنزرت وما إن وصل تونس حتّى استقبل بحفاوة فدخل حلق الوادي وأنزل قوّاته إلى البر ودخل تونس بخمسة آلاف خيال سنة 1534م. وبعض المستشرقين وحتّى بعض المؤرّخين العرب يقولون أنّ العثمانيّين لمّا دخلوا تونس ظنّ أهلها أن الرّشيد جاء معهم لاستلام الحكم لكنّه لم يكن معهم وتبيّن لهم أن خي الدّين جاء ليضمّ تونس إلى الدّولة العثمانية كما فعل بالجزائر أو أنّ الجيوش العثمانية لمّا دخلت تونس كان لها سوء تصرّف مع اهلها مما أثار حفائظهم ويقول ابن أبي دينار: ..."وقام أهل باب السويقة على خير الدين وكانت بينهم مقتلة عظيمة مات فيها خلق كثير من الجانبين..." فحاولوا التمرّد على خير الدّين لكنّه دحرهم. ومهما يكن فإنّ خير الدّين أوقف الفتنة وأعلن الأمان للنّاس وأخذ يحصّن المدينة وتوطيد مركزه لا سيما وأنّ الحسن لم ييأس بل حاول أكثر من مرّة استرجاع المدينة. حيث أنّه اجتمع بعصابته وأشياعه وقصدوا القصبة صباح يطلبون خير الدّين فخرج لهم هذا الأخير وهزمهم فطلبوا منه الآمان فأجابهم بذلك أمّا الحسن فقد حاول مرارا وتكرارا تأليب أهل تونس عليه لكنه فشل في ذلك وانهزم المرّة تلو الأخرى، أمّا خير الدّين بعث إلى نائبه في الجزائر في إرسال عسكر وفرسان لتونس ولمّا وصلوا إليه وزّعهم في الجهات لما رأى من حال اهل المملكة وبعث خير الدّين بهديّة إلى السلطان العثماني وبها الدّنانير الّتي ضربت باسمه في تونس.


    2- استنجاد "الحسن الحفصي" بـ"شارلكان" :


    لمّا دخل "خير الدّين" لتونس هرب السّلطان الحفصي "الحسن" مذلولا يستنجد بملك إسبانيا آنذاك وامبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدّسة "شارل الخامس" على بني قومه وحماة دينه وكان "شارل الخامس" قد أرسل سنة 1533م بإرسال بعثة تجسّسية برئاسة "أوشود" لدراسة الأوضاع في تونس فأبلغه هذا الأخير أنّ الأوضاع في تونس مستعدّة كلّ الإستعداد لفتح أبوابها أمام الغزاة الإسبان لكن شاء القدر أن يسبقه إليها "خير الدين" سنة 1534م كما ذكرنا سابقا، وقد اعتبر "شارلكان" ضمّ تونس للممتلكات العثمانية تهديدا لممتلكاته بإيطاليا فأعدّ حملة كبرى لذلك .
    أمّا خير الدّين فقد أخذ يجمع الأعراب من حوله الّذين انغمسوا في الملذّات والفتن وحذّرهم من الفتنة في الإسلام واتّفقوا معه على أن يبقى في أيديهم ما أعطاه لهم بنو حفص من الإقطاعات فالتزم بذلك.


    3- حملة شارلكان واحتلال تونس 1535م:


    كانت حملة كبيرة تلك التي أعدّها شارلكان فقد احتوت على أكثر من أربعمائة سفينة تسعون منها ملكية وتحمل أربعة وعشرين ألف جندي وخمسة عشر ألف فرس ولم يكن باستطاعة خير الدّين مواجهته ،وكان من بين الجند فرسان القدّيس يوحنا ، على العموم نرجع إلى السّبب الّذي دفع بالملك الإسباني إلى تجهيز حملة على تونس، فبعد سيطرة خير الدّين على تونس هرب " الحسن" نحو إسبانيا واستنجد بملكها كما ذكرنا فوجد هذا الأخير الفرصة الملائمة التي تمكّنه من ضرب خير الدين فأخذ يستعدّ استعدادا عظيما فأتمّ استعداده وأقلع من مدينة برشلونة يوم 31 ماي 1535م وكانوا أمام مدينة قرطاجة وسواحل مدينة تونس يوم 16 جوان 1535م ولم تكن القوة الّتي بين يدي خير الدّين كافية لردّ الهجوم فانهزم .
    يرجع المؤرّخون سبب انهزامه إلى أسباب منها: قلّة عدد جنده لأنّ العثمانيين كانوا في صراع مع فارس والصفويين في هذا الوقت وعدم تمكّنه من تجنيد أهل تونس في الوقت المناسب وثورة العبيد الّذين كانوا يعيشون في قلعة تونس وهم الّذين كان يتحدّث عليهم الجاسوس "أوشود" وكذلك إطلاق سراح الأسرى المسيحيين الّذين كانوا في تونس والّذين انتهزوا فرصة دخول الجيش الإسباني إلى تونس فخرجوا وسيطروا على معقل القصبة وأداروا مدافعها نحو المسلمين.
    باشر شارلكان في قصف منطقة "حلق الوادي" فاستولى عليها ثمّ زحف إلى تونس ودخلها سنة 1535م وأرجع الملك الحفصي "الحسن" إلى عرشه بعدما دخل في حمايته وأمضى معه معاهدة الخزي والعار ، التي كانت شروطها كما يلي:
    - يسمح للإسبان بسكنى جميع أنحاء القطر وإقامة طقوسهم الدّينية دون أن يتعرّض لهم أحد.
    - تنازل السلطان الحفصي لهم عن مدينة عنابة وبنزرت وحلق الوادي ليقيموا فيها حاميات لهم.
    - يدفع السلطان سنويا لهم اثني عشر ألف دوكـه (عملة فلورنسية، 1 دوكة= 2 دينار عثماني)
    - إطلاق سراح جميع الأسرى المسيحيّين الموجودين بتونس.
    - تقديم الحسن لشارلكان 12 حصانا و12 مهرا كل عام قبل عيد سانتا.
    - إذا تخلّف السلطان عن أيّ شرط يدفع 50 ألف دوكه وفي المرة الثانية 100ألف دوكه، وفي المرّة الثّالثة تؤخذ البلاد منه.
    - التزام السّلطان بأن لا يدخل بلاده أحد من مهاجري الأندلس يهوديا كان أو مسلما.
    - السماح لأفراد الجيش الإسباني بنهب الأهالي وتقتيلهم مدّة ثلاثة أيّام متتالية وقد نتج عن هذا البند الأخير تذبيح أكثر من ثلث السّكّان وتشريد ثلث آخر ، وبهذا تحقّقت مجزرة أخرى تشبه تلك الّتي نفّذها "نيرون الروماني" في حقّ سكان قرطاجة بعد أن أحرق المدينة.

    وقد كان قبول السّلطان الحفصي لهذه الشّروط المهينة سببا في ثورة السكان عليه فأمسكوا به وسملـوا عينيه وخلفه ابنه " احمد أبو العباس الثاني" وقد حاول هذا السلطان الجديد أن يوقف التيار الإستعماري الإسباني دون جدوى .
    رجع "خير الدّين" إلى الجزائر أين استقبل استقبال الأبطال ثمّ أبحر بأسطول كبير نحو جزر الباليار وأخذ من الجزائريين ما يكفي للجهاد فاتّجه نحو جزيرة ميورقة وفي طريقه استولى على قطعتين بحريتين إسبانيتين ثمّ تابع طريقه نحو جزيرة مينورقة وظنّ الإسبان أنّه الأسطول الّذي انتصر في معركة تونس فأمر بإطلاق نار المدافع تحيّة واستقبالا له وعندما اقتربت هيئة الإستقبال من سفن العثمانيين أمر بإلقاء القبض عليهم ثمّ أرسل سفينتين إلى البرتغاليين الّذين كانوا قد رسوا في الميناء فذهلوا لرؤيتهم خير الدين فسلّموا أنفسهم وأطلق سراح الأسرى المسلمين ثمّ عاد إلى الجزائر ومعه ستة آلاف آسير، وعندما رجع شارلكان إلى إسبانيا ادّعى أنّه قتل خير الدّين وسيطر على كلّ سواحل شمال إفريقيا، لكنّه ما إن سمع بأحداث جزيرتي ميورقة ومينورقة حتّى استشاط غضبا وأمر "أندريا دوريا بملاحقته لكن خير الدين كان في طريقه إلى اسطنبول بعد إقلاعه من الجزائر وخلفه "حسن آغا"، وقد ظنّ شارلكان أنّ خير الدين لن تقوم له قائمة بعد حادثة تونس، واهتزّت أوساط البلاد المسيحية لغزو خير الدين لجزر الباليار هلعا وجزعا ومحت بصفة عملية آثار انتصار شارلكان في تونس.
    وفي حوالي سنة 1540م أخذ شارلكان يعد العدة للإستلاء على موانئ المغرب الإسلامي بمعاونة العملاء المطالبين بالعرش ولم يحل عام 1558م حتى كانت تلك الموانئ قد احتلت وتصدّى العثمانيون للإسبان وابتداءا من سنة 1560م كانت تونس مقسّمة بين العثمانيين والإسبان.


    الفصل الثاني: تونس بين القوة العثمانية والتونسية


    1- قلج علي واسترجاع تونس 1569م:


    جرت حوادث كثيرة قبل هذا التاريخ ومنها سيطرة العثمانيين على ميناء طرابلس الغرب سنة 1551م واستولى "درغوث باشا" على قفصة وتوغل داخل تونس وسيطر على القيروان عام 1558م وأقام فيها حامية عثمانية وأصبحت تونس تخضع لنفوذ حفصي اسباني في الشمال ونفوذ عثماني في الجنوب وثبت انتصار العثمانيين عام 1560م على حملة جربة حيث طوّق الجزيرة وشنّ عليها هجوما محكما انتهى بإغراق جميع المراكب الإسبانية وأسر نحو خمسة آلاف جندي وقتل ما تبقى وبنى برج الرؤوس.
    تولّى السلطان "أحمد" الحفصي مقاليد الحكم بعد أبيه "الحسن" وكانت له علاقات متوتّرة وغير جيّدة مع حاكم الجزائر "قلج علي" ولما كانت له البلاد من ضعف فقد قال أحمد لأحد وزرائه المدعو "أبو الطيب تاج الخضار": لو جاء علي باشا وأراد احتلال تونس في عدد يسير من الجند ماكنت ألقاه وهذا أوانه وإنّي لفي حيرة من أمري، وشاءت الأقدار أن تتوتّر العلاقات وتختلف بين السلطان "احمد" ووزيره حتّى فكّر السلطان في التخلّص من وزيره وقتله وعندما اكتشف أبو الطيب ما يفكر فيه السلطان أرسل برسالة إلى " قلج علي " يدعوه فيها إلى غزو تونس . زيادة على ذلك فإنّه كان هناك كثير من الناس في تونس يرغبون في التّخلّص من ملكهم وقد اتّصل العديد منهم بـ قلج علي طالبين منه مساعدتهم في القضاء عليه.
    رأى قلج علي أنّه عليه استخلاص تونس من الفساد فجمع جيشا من الجزائر وبادر بمهاجمة مدينة تونس فالتقى بجموع السلطان "أحمد الحفصي" بباجـة فدحره ثمَ لاحقه حتى وادي مجردة فوجدوه حاملا فطلب قلج علي المعونة من بنزرت لكي تجلب له القناطر والأخشاب كي يقطع الوادي ، ثمّ حاول أحمد الحفصي إيقاف الزحف العثماني عند سيدي الحطاب لكنّه ما لبث أن انهزم مرّة أخرى فذهب للعاصمة وجمع أمواله وذخائره وذهب معه أهله وأتباعه نحو قلعة الإسبان في حلق الوادي ليحتمي بها. واستنجد بالإسبان مرّة أخرى كما فعلها أبوه الحسن فأرسل الملك فيليب الثاني ملك اسبانيا حملة كبرى لذلك وسوف نتطرق لهذا الموضوع فيما بعد.
    أمّا قلج علي فقد تقدّم نحو تونس يريدها ففتحت له الأبواب وقصد القصبة وذلك سنة 1569م ونادى في الناس بالأمان. وأخذ البيعة للسلطان العثماني "سليم الثاني".



    2- معركـة ليبانـت 1571م وانكسار العثمانيين بتونس:


    بعد أن تمّ قلج علي من السيطرة على تونـس ترك ثلاثة آلاف جندي بقيادة "رمضان" وكلفه بالمحافظة على الأمن ومعاملة السكان باللّين ثمّ عاد للجزائر وجهّز حملة كبيرة استعدادا للحملة التي يشنها الإسبان عليه وكان قصده من هذا التجهيز السيطرة على جالطة لأنها نقطة رئيسية وكتب رسالة لللآستانة يطلب نها المساعدة وقبل الرد عليها قام بعدّة هجمات على السفن المسيحية المتجولة في البحر، وكان قلج علي قد ربّى على يديه رجالات البحر المشهورين منهم مراد رايس ومامي رايس الأرناؤوطي مصطفى وغيرهم ممّن زرعوا الرّعب في السواحل الإسبانية طوال نصف قرن، عاد علي باشا إلى الجزائر وهو يمنّي نفسه بالمساعدة الّتي طلبها من استانبول لكنّه وجد فرمانا سلطانيا يأمره بالتوجّه للإبحار فورا للتّصدّي لأسطول "دون جوان دوتريش" فاصطحب معه نحو ثلاثين سفينة لرياس الجزائر مع السّفن التّابعة له .
    استعدّت المسيحية تحت راية البابوية للقيام بمعركتها الحاسمة فسارت بأسطول يشمل ثلاثمائة سفينة حربية تحمل على متنها ثمانين ألف رجل ولم يكن لدى العثمانيين سوى مائتين وخمسين سفينة والتقى الأسطولان يوم 07 أكتوبر 1571م أمام مدينة ليبانت ببلاد اليونان وقد كان السطول الجزائري الّذي يقوده علي باشا على ميسرة الأسطول الإسلامي العام وعند بداية المعركة كانت رياح النصر تهبّ في كفة المسلمين لكن المعركة انقلبت ضدّهم وأحيط بهم فكانت خسائرهم فادحة، وامام هذا الوضع فقد استطاع قلج علي من إنقاذ أربعين سفينة الّتي بقيت من أسطوله والسفن الّتي غنمها ورجع بها إلى استانبول واستقبل استقبال الرجل العظيم رغم مرارة الإنهزام، وأسند له السلطان العثماني مهمة القائد العام للأسطول الإسلامي مع بقائه كحاكم للجزائر (بايلرباي) فعيّن ممثّلا له على الجزائر السيد "أحمد العربي" أو "عرب أحمد" كما يسميه العثمانيون.
    نعود الآن إلى السلطان الحفصي "أحمد" الّّذي استنجد بالملك الإسباني "فيليب الثاني" وهذا مازاد الطّين بلّة بعد الهزيمة المنكرة للعثمانيين في ليبانت فلم يتهاون الملك الإسباني وأرسل حملة عسكرية كبيرة بقيادة دون خوان في الوقت الّذي لم تكن القوات العثمانية على أتمّ الإستعداد لردّ الهجوم وقبل الإنزال في تونس أخرج القائد الإسباني كتابا لأحمد الحفصي فيه الشروط التي يجب عليه قبولها إذا أراد الجلوس على عرش تلك السلطنة من جديد ، لكن السلطان أحمد أبى ولم يقبل الحكم مناصفة مع الإسبان وتنازل عن العرش لأخيه "محمد بن الحسن" ، وهناك من يقول أنّه عزل من طرف الإسبان وعيّنوا مكانه أخاه "محمد" الّذي قبل شروط وتمكّن بمساعدتهم من استرجاع تونس وأخذ الإسبان مع السلطان الحفصي على ترميم حصون حلق الوادي وأسوار البلاد. وفي هذه الأيام أهين جامع الزيتونة حتى أنهم ربطوا فيه خيولهم ونهبت خزائن الكتب النادرة وداسوا عليها وبددّوها في الشوارع وقاموا بأمور يندى لها الجبين وفعلوا ما لا يفعله الأعداء بالأعداء.
    وكان من الممكن أن تتكرّر مأساة 1535م على يد "أحمد" لولا رفضه لهذه الشروط، فنفى نفسه نهائيا إلى جزيرة صقلية وإلى عاصمتها "بالرم" حتّى توفي ونقل بعد ذلك إلى تونس حيث دفن هناك.


    3- "سنان باشا" والقضاء على الوجود الإسباني-الحفصي بتونـس 1574م:


    لقد صار "محمد الحفصي" ألعوبة في يد الإسبان فصار لا يفعل أيّ شيء بدون موافقة الملك الإسباني، وصار هذا الأخير يفتخر بذلك، ووصلت أخبار تونس وما فيها من فساد إلى السّلطان العثماني "سليم الثاني" _رحمه الله_ فاستشاط غضبا لله ورسوله فخاطب وزرائه وجنده وقال لهم: من يتقدّم لنصرة الإسلام وإذلال عبدة الصليب والأصنام ويستنقذ أسارى المسلمين من أيدي النّصارى الفجرة اللّئام فبادر الوزير الأعظم "سنان باشا" وقال: أنا لها، أنا لها فقابله السلطان بالإكرام والقبول .
    خرجت قوّة عثمانية كبيرة من القسطنطينية على رأسها الوزير الشـهم "سنان باشا"، بالإضافة إلى قوّة بحرية من نحو ألف سفينة بقيادة "علج علي" وكان قد أصبح قائدا للأسطول العثماني فعمد على تقويته وتسليحه بأحدث الأسلحة في عصره، كما خرجت حاميات تركية من طرابلس والجزائر والقيروان وحاصر العثمانيون قلعة حلق الوادي .
    وكانت أكبر عقبة دفاعية تتمثّل في الخندق العميق الّذي يحيط بالقلعة ويحول دون الوصول إليها وقد طال الحصار بدون نتيجة فعزم العثمانيون على ردم الخندق مهما كان الثمن.
    يقول ابن أبي دينار:" ...ولماّ ألقوا الصوف في الخندق ألقوا فوقه الحطب والتراب والأخشاب. واهتمّ العسكر بنقل التراب كل الإهتمام وأقدموا بنيتهم غاية الإقدام إلى أن ملؤوه من أوّله إلى آخره.... وبذلك أمكن للمدافع أن تلقي كورها داخل السوار، وأن تصيب مباشرة أهدافها..."
    ولما تمّ اقتحام حلق الوادي رأى سنان باشا أنّه من الأولى تهديمه كي لا يبقى للنصارى مكمنا وبالفعل تم هدمه عن آخره وأرسل الوزير بشائر النصر إلى السلطان سليم الثاني، وبعد ذلك لمّا تخلّص من قلعة حلق الوادي توجّه نحو حصن الباستيون ودخلوه فقتلوا نحو ثلاثة آلاف إسباني ونصبوا الرايات السلطانية أعلى القلعة ، وتمكّن العثمانيون من التغلب عليهم ولم ينج من القتل إلاّ من تمكّن من الفرار والتجأ إلى قلعة شكلي بتونس واستولى العثمانيون ما في الحصن من ذخائر وغنائم، ووجدوا في داخل الجامع السلاسل والأغلال التي كانت تستخدم ضدّ المسلمين.
    أمّا الّذين هربوا إلى جزيرة شكلي لمّا رأوا ما حلّ بقومهم طلبوا الأمان من "سنان باشا" فأمّنهم وذلك لمصلحة رآها فيهم وهي أنّه يوجد من بينهم مائتين وخمسة من رجالهم أهل صناعات غريبة منها عمل الطوب الّذي يعجز عنهم ومنها تذويب الحديد والنحاس وعمل المدافع الكبار وغير ذلك من الصناعات، وبعد هذا الإنتصار العظيم دخل سنان باشا منتصرا وكان دخوله مشهورا مشهودا وازدحم الناس لمشاهدة طلعته المنتصرة.
    أّما السلطان الحفصي "محمد" فقد أسره سنان باشا وحمله معه إلى استنبول واعتقل هناك خشية فراره والإستنجاد بالإسبان مرة أخرى وظلّ في معتقله حتى وفاته، وبذلك انتهى عهد الدّولة الحفصية كما انتهى معها الوجود الإسباني في تونس.


    خاتمة:



    لقد كان الصّراع العثماني الإسباني على تونس الحفصية شديدا نظرا لموقعها الإستراتيجي المهم والقريب والرابط بين حوضي البحر المتوسط الشرقي والغربي، وقد كانت نقطة هامّة في الصراع الإسلامي الصليبي.
    نرى أنّ الدولة العثمانية لم تبسط نفوذها في تونس عن طريق الغزو العسكري أو تدخل مباشر بل جاء نتيجة اشتداد الصراع بين الإسلام والمسيحية المحرفة التي كانت تمثّلها إسبانيا.
    وقد جذب هذا الصراع عدة مغامرين من الجانبين فمن الجانب الإسباني فقد ظهر عدة قراصنة في البحر أما الجانب العثماني فقد ظهر عدة مجاهدين وابطال الّين نشأوا في خدمة الخلافة العثمانية وأسطولها فراحوا يجوبون البحار لتخليص سواحل المغرب الإسلامي ومنها السواحل التونسية، ونرى أنّ قدوم العثمانيين لشمال إفريقيا قد عاد بالفائدة الكبيرة على دولها حيث أنّها عملت على توحيدها سياسيا ونجدتها من الغزو الأوروبي الّذي استفحل فيها.
    وهكذا تعاقب العثمانيون والإسبان في حكم تونس إلى أن حررها أخيرا سنان باشا وألحقها بالممتلكات العثمانية في شمال إفريقيا.




    قائمة المصادر والمراجع:


    - المصادر:

    1- أبي عبد الله الشيخ محمد ابن أبي القاسم الرعيني القيرواني (ابن أبي دينار)، المؤنس في أخبار إفريقية وتونس، مطبعة الدولة التونسية، ط1 ، تونس 1869

    - المراجع:

    1- التر عزيز سامح ، الأتراك العثمانيون في إفريقيا الشّمالية، تر: محمد علي عامر، دار النهضة العربية، ط1، بيروت 1989
    2- الجمل شوقي عطا الله ، المغرب العربي الكبير في العصر الحديث (ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب)، مكتبة الأنجلو مصرية، ط1، القاهرة 1977
    3- الجمل شوقي وعبد الرزاق عبد الله ، تاريخ أوروبا، المكتب المصري لتوزيع المطبوعات، القاهرة 2000
    4- الجوهري يسري ، جغرافية المغرب العربي، منشأة المعارف، الإسكندرية
    5- ـــــ ، شمال إفريقية، ط6، الهيئة المصرية العامة للكتاب، مصر، 1980
    6- الزبيري محمد العربي ، مدخل إلى تاريخ المغرب العربي الحديث، ط2، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1985
    7- الشريف محمد الهادي، تاريخ تونس، ط3، سراس للنشر، تونس
    8- الغنيمي عبد الفتاح مقلد ، موسوعة تاريخ المغرب العربي (المغرب العربي بين بني حفص وبني زيان وبني مرين)، مج3، ج5، مكتبة مدبولي، ط1، القاهرة 1994
    9- المدني أحمد توفيق ، حرب الثلاثمئة سنة بين الجزائر وإسبانيا 1492-1792، الشركة الوطنية للنّشر والتّوزيع، الجزائر
    10- المطوي محمد العروسي ، الحروب الصليبية في المشرق والمغرب، دار الغرب الإسلامي، ط2، 1989
    11- ـــــــــ، السلطنة الحفصية تاريخها السياسي ودورها في المغرب الإسلامي، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1986
    12- برانشفيك روبار ، تاريخ إفريقية في العهد الحفصي، من القرن 13إلى نهاية القرن 15م، ترجمة: حمادي الساحلي، ج1، ط1، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1988
    13- حاطوم نور الدّين ، تاريخ عصر النّهضة الأوروبية، دار الفكر، دمشق
    14- مقديش محمود ، نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار، تح: علي الزواري، ومحمد محفوظ، مج2، دار الغرب الإسلامي، ط1، بيروت 1988
    15- وولف جون ب . ، الجزائر وأوروبا 1500-1830، تر: أبو القاسم سعد الله، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر 1986
    16- ياغي اسماعيل أحمد ، العالم العربي في التاريخ المعاصر، مكتبة العبيكان، ط1، الرياض، 1997



    من إعداد الطالب: هواري كريــم -جامعة أبو بكر بلقايد- تلمسان

    الجزائــر
    الونشريسي
    الونشريسي
    المدير العام
    المدير العام
      : الإحتلال الإسباني لتونس 1535-1574 15781610
    ذكر
    عدد الرسائل : 11660
    العمر : 56
    المزاج : هادئ
    تاريخ التسجيل : 13/12/2007
    https://bour.ahlamontada.com

    ???? رد: الإحتلال الإسباني لتونس 1535-1574

    الثلاثاء 04 ديسمبر 2012, 00:54
    موضوع مهم جزاك الله خيرا
    avatar
    wiliam wallace
    عضو جديد
    عضو جديد
      : الإحتلال الإسباني لتونس 1535-1574 15781610
    ذكر
    عدد الرسائل : 18
    العمر : 34
    تاريخ التسجيل : 22/08/2012
    الإحتلال الإسباني لتونس 1535-1574 Aoiss

    ???? رد: الإحتلال الإسباني لتونس 1535-1574

    الخميس 13 ديسمبر 2012, 00:50
    شكرا لكم على مروركم العطر وتقييمكم الممتاز
    الرجوع الى أعلى الصفحة
    صلاحيات هذا المنتدى:
    لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى