- netcom199عضو ملكي
- :
عدد الرسائل : 2058
العمر : 49
المزاج : أسألك الدعاء لي
تاريخ التسجيل : 01/11/2008
سعادةُ الصحابةِ بمحمدِ - صلى الله عليه وسلم
السبت 08 أغسطس 2009, 12:16
سعادةُ
الصحابةِ بمحمدِ - صلى الله عليه وسلم -
لقدْ جاءَ رسولُنا - صلى الله عليه وسلم - إلى الناسِ بالدعوةِ
الربانيةِ ، ولم يكنْ له دعايةٌ منَ دنيا ، فلمْ يُلقَ إليه كَنْزٌ ، وما كانتْ له
جنَّة يأكلُ منها ، ولم يسكنْ قصراً ، فأقبلَ المحبُّون يبايعون على شظفٍ من
العيشِ ، وذروةٍ من المشقَّةِ ، يوم كانوا قليلاً مستضعفين في الأرضِ يخافونَ أنْ
يتخطفهمُ الناسُ من حولِهمْ ، ومع ذلك أحبَّهُ أتباعُه كلَّ الحبِ .
حُوصروا في الشِّعْبِ ، وضُيِّق عليهمْ في الرزقِ ، وابتُلوا في
السمعةِ ، وحُوربوا من القرابةِ ، وأُوذُوا من الناسِ ، ومع هذا أحبُّوه كلَّ
الحبِّ .
سُحِبَ بعضُهم على الرمْضاءِ ، وحُبسَ آخرونَ في العراءِ ، ومنهمْ
منْ تفنَّنَ الكفارُ في تعذيبهِ ، وتأنَّقوا في النكالِ بهِ ، ومعَ هذا أحبُّوه
كلَّ الحبِّ .
سُلبوا أوطانهم ودورهم وأهليهم وأموالهم ، طُردوا من مراتعِ صباهمْ ،
وملاعبِ شبابهمْ ومغاني أهلهِمْ ، ومع أحبوهُ كلَّ الحبِّ .
ابُتلي المؤمنون بسببِ دعوتِه ، وزُلْزِلوا زلزالاً شديداً ، وبلغتْ
منهمْ القلوبُ الحناجرَ وظنُّوا باللهِ الظنونا ، ومعَ أحبوه كلَّ الحبِّ .
عُرِّضَ صفوةُ شبابهمْ للسيوفِ المُصْلَتَةِ ، فكانتْ على رؤوسِهِم
كأغصانِ الشجرةِ الوارفةِ .
وكأنَّ ظلَّ السيفِ ظِلُّ حديقةِ خضراء تُنْبِتُ حولنا الأزهارا
وقُدِّمَ رجالُهم للمعركةِ فكانوا يأتونَ الموتَ كأنهمْ في نزهةٍ ،
او في ليلة عيدٍ ؛ لأنهمْ أحبوه كلَّ الحبِّ .
يُرْسَلُ أحدُهمْ برسالةٍ ويَعْلمُ أنه لنْ يعودَ بعدها إلى الدنيا ،
فيؤدّي رسالتَه ، ويُبعَثُ الواحدُ منهمْ في مهمَّةٍ ويعلمُ أنها النهايةُ فيذهبُ
راضياً ؛ لأنهمْ أحبوه كلَّ الحبَّ .
ولكنْ لماذا أحبُّوه وسعِدُوا برسالتِه ، واطمأنُّوا المنهجهِ ،
واستبشرُوا بقدومهِ ، ونسوا كلَّ ألمٍ وكلَّ مشقةٍ وجُهدٍ ومعاناةٍ من أجلِ
اتباعِهِ ؟!
إنهمْ رأوا فيهِ كلَّ معاني الخيرِ والفرحِ ، وكلَّ علاماتِ البرِّ
والحقِّ ، لقدْ كانَ آيةً للسائلين في معالي الأمورِ ، لقدْ أَبردَ غليلَ
قلوبِهِمْ بحنانِهِ ، وأثلجَ صدورَهمْ بحديثهِ ، وأفْعَمَ أرواحَهُمْ برسالتِه .
لقدْ سكبَ في قلوبهمُ الرضا ، فما حسبوا للآلام في سبيلِ دعوتهِ
حساباً ، وأفاضَ على نفوسِهِمْ منَ اليقينِ ما أنساهمْ كلَّ جُرْحٍ وكَدَرٍ
وتنغيصٍ .
صَقَلَ ضمائرَهم بهداهُ ، وأنارَ بصائرَهم بسناهُ ، ألقى عن
كواهِلهمْ آصارَ الجاهليةِ ، وحطَّ عن ظهورِهم أوزارَ الوثنيةِ ، وخلعَ من
رقابِهمْ تبعاتِ الشركِ والضلالِ ، وأطفأ من أرواحِهمْ نارَ الحقدِ والعداوةِ ،
وصبَّ على المشاعرِ ماءَ اليقين ، فهدأتْ نفوسُهمْ ، وسكنَتْ أبدانُهُمْ ،
واطمأنتْ قلوبُهم ، وبردتْ أعصابُهم .
وجدوا لذَّةُ العيشِ معهُ ، والأنسَ في قربهِ ، والرضا في رحابِهِ ،
والأمنَ في اتباعهِ ، والنجاة في امتثالِ أمرِهِ ، والغِنى في الاقتداء به .
* وَمَا
أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ * ، * وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى
صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * ، * وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ * ،
* هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ
آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا
مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ *، * وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ
وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ * ، * اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ
وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ * ، * وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا
حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا * .
لقدْ كانوا سعداء حقّاً مع إمامِهمْ وقدوتِهمْ ، وحُقَّ لهمْ أنْ
يسعدُوا ويبتهجُوا .
اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ على محرِّرِ العقولِ من أغلالِ الانحرافِ ،
ومنقذِ النفوسِ من ويلاتِ الغوايِةِ ، وارضَ عن الأصحابِ والأمجادِ ، جزاءَ ما
بذلُوا وقدّمُوا .
************************
منقول من كتاب
لا تحزن
للشيخ عائض
القرني
- netcom199عضو ملكي
- :
عدد الرسائل : 2058
العمر : 49
المزاج : أسألك الدعاء لي
تاريخ التسجيل : 01/11/2008
رد: سعادةُ الصحابةِ بمحمدِ - صلى الله عليه وسلم
الأحد 09 أغسطس 2009, 15:33
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى