مكانة الخطـأ في العملية التعليمية
السبت 11 ديسمبر 2010, 21:30
مكانةالخطـأ في العملية التعليمية
مقدمة:
يعتبر الخطأ التربوي احد أهم المفاهيم التي أضحت تتمتع بمكانة خاصةداخل المنظومة التعليمية خصوصا والفكريةعموما، وذلك بفضل اعتماد المجتمع الدولي لاتفاقيةحقوق الطفل التي شكلت منعطفا انتقاليا ا في تاريخالأطفال بالانتقال من مستوى الاختيارات الفلسفية النظرية إلى مستوى الإكراهات القانونيةالإلزامية ومن تم انبثقت فكرة حق الطفل في الخطأ إلى جانب حقوق أخرى كالحقفي العيش الكريم وامتلاك أسرار خاصة به والاحتجاج على الظلم ...
من هدا المنطلق الحقوقي الفسيح نتساءلحول مفهوم الخطأ ودلالته التربوية بين التصور البيداغوجي التقليدي والحديث، كمانتساءل عن أهم مصادره و أنواعه،ونتساءل إلى أي حد يمكن للخطأ إن يكون فاعلا في التعلمأي هل للخطأ وظيفة بيداغوجية ايجابية في مسار المتعلم الدراسي ام انه يظل عاملامن عوامل الافشال والارباك الصفي؟وكيف يمكن للأستاذ الممارس أن يتعامل مع أخطاءتلاميذه وتصحيحها بيداغوجيا وجعلها أداة ايجابية داخل الممارسة الصفية؟ كلها إشكالاتسنتطرق للإجابة عنها خلال العرض في محاولة للاقتراب
أكثر من مفهوم الخطأ التربوي.
العرض :
ان الحمولة الإشكالية للخطأ تفضي إلى صعوبةتحديد مفهومه حيث نجد تداخلا كبيرا بين الخطأ والغلط.فيدلالخطأ على وجود حالة فكرية لدى الفرد تمنعه التعاطي مع الحقيقة كمعطى ايجابي.فيحين يحيل لفظ الغلط على حمولة أخلاقية ودينية وقانونية تعتبر الغلط خروجا عنالصواب يستوجب العقاب والزجر.لكن ورغم التفاوت بين المفهومين، إلا أنهما يتقاطعانفي كون كليهما نوعا من أنواع الخروج عن الصواب المعرفي أو الأخلاقي القانوني.ومنالمنظور البيداغوجي التربوي يمكن اعتبار الخطأ حالة من المعرفة الناقصةنتيجة لسوء فهم أو نتيجة لخلل في سيرورة التعليم والتعلم.كما يمكن اعتباره دلكالأثر الذي تخلفه المعارف السابقة والتي كانت إلى حد قريب او بعيد حقائق ثابتة فيحياة الطفل لكنها أصبحت خاطئة أو غير ملائمة.كما يتحديد الخطأ بيداغوجيا بوصفه تلكالحالة من التوتر والارتباك التي يصاب بها المتعلم لحظة اصطدام معارفه السابقة الخاطئةبالمعارف الة التي تضحدها او تشكل تهديدا لها.ويستمد الخطأغناه المفاهيمي والاشكالي من تعدد مصادره والتي يمكنتصنيفهاالى:
1) مصادر داخلية يرجع الخطا فيهالى عوامل مرتبطةبالمتعلم،يمكن الفصل فيها بين مصادر بيولوجية:وتعني عدم توافقالمستوى النمائي والنضج الفكري للمتعلم مع المستوى المفاهيمي المقدم إليه ومثالذلك ان تتناول موضوع الذرة مع طفل في السابعة من عمره.وأخرى سيكولوجية:كان يكونللطفل توجس وخوف من مواقف ومواضيع معينة بسبب تجربة سابقة،او يعاني الطفل من الخجلوعدم الثقة بالنفس
منتديات الونشريسي التعليميةhttps://bour.ahlamontada.com
2)مصادر خارجية قد ترتبط بالمنهاج الدراسي والمقررات او بعملية النقل الديداكتيكيللمعارف والطرق المعتمدة من طرف المدرس في عملية النقل هاته،كما قد ترتبطبالوسائل والمعينات كان يفشل الاستاذ في اختيار الوسيلة اللائمة لشرح ظاهرة معينةكما يمكن للخطا ان ينتج عن غموض الاهداف المتوخاة من التعلم حيث يحتفظ بعض الاساتدةبهده الاهداف في مذكراتهم ولا يشركون المتعلم في الاطلاع عليها مما قد يقللفرص الوقوع في اخطاء كالخروج عن موضوع الدرس او البحث عن الحل خارج المعطيات المقدمة..
ان للخطا مصادر متنوعة ومصدرالخطا يتحكم الى حد كبيرة في تحديد نوعيتة ودرجة تعقده من بساطته.وتتفاوت انواعالاخطاء تبعا لدرجة صعوبتها بين:الاخطاء البسيطة والتي ترتبط في الغالب بتفاصيلبعض المفاهيم التي استعصى على المتعلم ضبطها وهده الاخطاء يمكن تصحيحها فورياوفي سياقها باجراء سريع يكفل ذلك.وبين الاخطاء المركبة التي قد يعبر عنها المتعلمفي سؤال او استفسار يعمل الاستاد على الاجابة عليه او احالة المتعلم على روافدالبحث في الموضوع.وفي المرتبة الثالثة نجد الاخطاء المركبة جدا والمرتبطة قي الغالببافكار وتصورات ومفاهيم خاطئة لدى المتعلم يعمل الاستاد على ادماجها في اطارهاالتربوي المناسب الى ان تتضح معالمها تدريجيا للمتعلم.اما اصعب انواع الاخطاءالتي قد تصادف الممارس حسب غاستون باشلار فهي الاخطاء العوائق حيث يكون الخطامقترنا
بحاجز يمنع تجاوب الذات معالموضوع :إن العائق حاجز يجب تحطيمه حسب باشلار
إن العائق يهدا المفهوم شبيه بالغابة التي تحجب الشمس أو بالقناعالذي يمنع الحقيقة من الوصول إلى عقل المتعلم.أن الأستاذ أمام الخطأ العائق لايصبح هدفه تصحيح الخطأ وتقويمه.بل يصبحه رهانه الأهم كيفية التغلب على العائق وإزالتهللتمكن من الوصول إلى الخطأ ثم تصحيحه.ومن هنا انبثق مفهوم الهدف العائق:وهوهدف يصوغه المدرس لتجاوز العائق، ويسطر له الخطوات والوسائل اللازمة.
أنداك تبقى لكل أستاذ طريقتهالملائمة في اختيار العوائق المطلوب تجاوزها
بترجمتها في صيغة أهداف عوائق أي ترجمة العوائق في شكل أهدافتعلمية.
يبدو من خلال هدا الطرح إنللخطأ حضور قوي داخل الممارسة الصفية وان لكل متعلم نوع معين من الأخطاء يبقىالأشكال مطروحا حول التصور الذي يتخده الخطا لدى الممارسين وحول الكيفية التي يتعاملبها كل استاد مع أخطاء متعلمية اي النظرة التي ينظر بها الأستاذ إلى خطا المتعلم.ونميز في هدا الطرح بين بيداغوجيتين اثنتين لكل منهما نظرتها الخاصة لمفهومالخطأ. 1البيداغوجية التقليدية أو الكلاسيكية:والتي تعتبرا لخطا مؤشرا من مؤشراتفشل الفعل التربوي وعاملا من عوامل التشويش على مجرى التعلم.إن الأستاذ في إطارهذه البيداغوجيا يتأهب من أخطاء تلاميذه ويعمل على مقابلتها بالزجر وكأنها طعن فيكفاءته ونكران لجهوده .حتى إن بعض الأساتذة المنتمين لهده البيداغوجيا يرفضون التعاطيمع الخطأ ويعمدون إلى إقصائه والتغاضي عنه، فيصبح الخطأ أداة ترهيب للمعلم والمتعلمعلى حد السواء .كما إن هناك فئة أخرى من الأساتذة الموهومين بتملك السلطة المعرفيةيعمدون إلى إظهار الخطأ لدى المتعلم لكن ليس بهدف التصحيح أو الإفادة بل مناجل تحسيس المتعلم بالدونية والخضوع الدائم لسلطتهم المعرفية.
كما تتضح النظرة السلبية للخطأ فيهذا المنظور من خلال كونه يشكل عامل استقطاب للمدرس في كل أعمال المتعلم حيثيتم التركيز بشكل مكثف على أخطاء المتعلم في إهمال تام لانجازاته الايجابية. فيصبحالخطأ أداة اقصائية لامعنى فيها للانصاف.
يبدو جليا ان هذا التصور القاتم للخطأ نابع في الأساس من اعتقادأصحابه أن السير الناجح للتعلمات يقوم على معيار الأداء السريع للدرس بأقل مجهودوفي زمن قياسي لدلك يعمل هؤلاء على إقصاء الخطأ وأبعاده.
إن نظرة المعلم للخطأ تنتقلسريعا كالعدوى إلى المتعلم الذي يصبح متوجسا من الوقوع فيه خشية العقاب والتوبيخأو خشية استهزاء الأقران منه.
إن هده النظرة التقليدية السوداوية للخطأ تدفعنا الى الرغبة الشديدةفي معرفةمفهوم هذا الأخير في المنظور البيداغوجي الحديث.يتمتع الخطأ في البيداغوجيا الحديثةبنفس قيمة الحقيقة في بناء المعرفة ولا أدل على ذلك من ظهور بيداغوجيا خاصة بهتسمى بيداغوجيا الخطا وهي بيداغوجيا تجعل من الخطأ لحظة ة فيالبناء المعرفي بل وتعتبره لحظة انطلاقه ويميل الاستاذ في هذا الإتجاهإلى الكشف عن أخطاء تلاميذه والتعاطي معها بايجابية باعتبارها مؤشرا على وجودصعوبات وعوائق تحول دون الاكتساب السليم للمعارف إن البيداغوجيا الحديثة تعترف بحقالطفل في التعلم بالخطأ وتحفز هدا الأخير على ا لاعتراف باخطائه والعمل على تصحيحهاوالاستفادة منها
وينعكس الأثر الايجابي لنظرة الاستاذللخطأ على سلوك المتعلم الذي يتخلص من عقدة الخطأ التي ظلتتطارده طويلا.فيصبح شجاعا في طرح أفكاره أمام زملائه ومنطلقا في عرض إبداعاته،ومتقبلا لأخطائه درجة تقبله لصوابه.
.ويعتبر بحث الأستاذ عن أسباب ومصادر الأخطاء دليلا على الرغبة في تصحيحهاتصحيحا بيداغوجيا سليما، وجعلها تتلاءم مع الواقع في ارتياح اي دون ان يتسببتصحيحها في مشاكل نفسية او عاطفية للمتعلم . فاقتلاع الخطأ من دفعة واحدة يشبهاقتلاع ضرس مريضة دون مسكن.وهدا التعامل مرفوض في ضل هذا المنظور البيداغوجي.
إن الأستاذ الذكي هوا لذيلايقدم الحقائق جاهزة لتلاميذه الدين يعانون من صعوبات، وانما يستدرجهم إلى اكتسابهاكغيرهم من التلاميذ الآخرين. فالطفل بطبعه يتمسك بكل معرفة توصل إليها بمجهودهالخاص،في حين ينسلخ بسرعة من كل المعارف التي تقدم له جاهزة أو يحفظها تحت الضغطدون فهمها واستيعابها.
إن معالجة الخطأ لا تعني تبسيطهوتدليله، بل تعني التعامل معه بحذر شديد كي لا يتفاقم ويتطوركما أنها لا تعني سلك الطرق المختصرة توفيرا للجهد .فخطورة الخطا تفرض خصوصيةفي التعامل معه.
وهنا يأتي دور المدرس في رسم خارطة الطريقالتي سيسلكها لتصحيح الأخطاء لدى تلاميذه وهو طريق سيسلكه فيأربع خطوات أساسية:1تحديد الخطأ تحديدا تقنيا صرفا بمعرفة مكانه والتأشير عليهوان كان تأشيرا ذهنيا المهم ضبطه. 2وصف الخطأ وصفا دقيقا بتحديد نوعه :إملائي،معجمي،تركيبي...3البحث عن مصادره ضمن المصادر التي ذكرناها سابقا. وتعتبر معرفةمصدر الخطأ أهم مرحلة في علاجه لأنه إذا عرف الداء عرف الدواء ويمكن للأستاذ أنيعتمد على حدوسه؛ بوصفه عارفا بمستوى المتعلم وظروفه وبالصعوبات التي مر بها في الماضي.كمايستند الأستاذ في رحلة البحث عن مصادر الأخطاء على تقنية واضحة، او بيداغوجيةمعينة ،كالملاحظة والتقويم، وهي أدوات تساعده على وضع فرضيات حول مصادر الأخطاءبكيفية واضحة.4 لتأتي في الأخير مرحلة اختيار أساليب التصحيح أو العلاج المناسبةللأخطاء ومن أهم أساليب علاج وتصحيح الأخطاء:المعالجة بالتغذية الراجعة،المعالجةبإعمال تكميلية، وبتنمية مهارة الفهم و الحفظ. المعالجة باستعمال تقنية ة،و المعالجة بإعادة النظر في العواملالأساسية:مناخ الفصل الدراسي اواعادة التعلمات السابقة بقرارتكرار القسم وطلب مساعدة خارجية كتدخل الاسرة ..
وهذا مثال عن كيفية ملاحقة الخطا بهدف تصحيحه:
سياق الخطأ:موضوع انشائي
1تحديد الخطأ: بوضع خط تحت الجملالغير المنسجمة والأخطاء الإملائية..
2وصف الخطأ: بكتابة ملاحظة على ش ورقة التحرير:عدمانسجام النص.
3البحث عن مصادر الخطأ الممكنة:فقر الرصيداللغوي والمعجمي الذي لايتيح له
التعبير عن أفكاره في الموضوع.نظرالقلة فرص المطالعة واغناء الرصيد.
4مرحلةالبحث عن العلاجات المناسبة للخطأ:وذلك بتوفير المتعلمفرص المطالعة بإمكانية إنشاء مكتبة القسم واحالته على الاستعمال التواصل للقاموسلاكتساب مفردات ة تساعده على التعبيرعن أفكاره....
وبتجاوز الخطأ يكون هذا الأخير قد أدىوظيفته البيداغوجية وساهم في تحقيق شرط التعلم، فالخطأوالصواب عنصران ان في الممارسة الصفيةخصوصا إذا ما تم استغلالهما الاستغلال السليم بإحداث المدرس لوضعيات من الصراعالسوسيو معرفي لدى المتعلمين وزعزعة معارفهم السابقة وجعلها قابلة للخطأ قابلةللتكيف أمام الحقيقة.
من خلال التفصيل لمجمل الإشكالياتالمطروحة علينا يتضح إن للخطأ قيمة معرفية لا تقل عن تلك التيللحقيقة.كما يتضح أن هذا المفهوم يتأرجح بين تصورين ين الأولتقليدي، يعتبر الخطأ نقطة فشل في مسار المعلم والمتعلم على السواء.والثانيحديث، يرى في الخطأ قاطرة للعبور نحو المعرفة و الحقيقة.كما يتضح بجلاءمن خلال العرض الدور ال الذي يمكن للخطأان يقوم به في اكتساب التعلمات وفي إغناء الممارسة الصفية .
كما نستشف الأثر الايجابي الكبير الذييخلفه الخطأ في نفس المتعلم إذا ما تم إقناعه بحقه في ارتكابه، وبقيمة البحث عنأسبابه، وطرق علاجه وتصحيحه.
خاتمة:
إننا نحن ومواقفنا وآراءنا في تجدد مستمر.
فقد تعرضت تصوراتنا
للعديد حول العديد من المفاهيم للتحول ، فخطا اليوم قد يصبح في الغد حقيقةفي حياتنا. وجزء كبير من حقيقة الأمس أضحى اليوم أخطاءا لأنه لم يعد يتوافق معمعطيات الحاضر.وبالتالي أصبح من البديهي تصحيحه والا ظللنا الطريق، وعشنا الحاضر أغرابابسبب أخطائنا.
فإلى أي مدى نسهم كمربين في انتشال متعلمينا منظلام أخطائهم إلى أنوار الحقيقة والصواب؟؟.
كلمة ختامية:
ان العرض محاولة للإحاطة بكلالمفاهيم التي ترتبط بالخطأ في مفهومه التربوي .والأفكار الواردة فيه ليست بافكارمن إبداعي، بل هي أفكار تربوية بلورتها ابحاث المهتمين بالخطا من فلاسفة وتربويينوممارسين..كل مالي من هذا العرض هوطريقة عرض الأفكار وأسلوب مناقشتها.
وما وجدتم به من توفيق فمنعند الله وماكان به من نقص فمن نفس ضعيفة ضارعة لله
المراجع المعتمدة:
-كتاب التدريس الهادف.(كتاب جد مهم لا اتذكر صاحبه وبقيت لدي العديد منالافكار المهمة حول الخطا التربوي بعد قراءته).
-مجلة علوم التربية،العدد السابع والعشرون.
-كتاب الكفايات واستراتيجيات اكتسابها لعبد الكريمغريب.
مقدمة:
يعتبر الخطأ التربوي احد أهم المفاهيم التي أضحت تتمتع بمكانة خاصةداخل المنظومة التعليمية خصوصا والفكريةعموما، وذلك بفضل اعتماد المجتمع الدولي لاتفاقيةحقوق الطفل التي شكلت منعطفا انتقاليا ا في تاريخالأطفال بالانتقال من مستوى الاختيارات الفلسفية النظرية إلى مستوى الإكراهات القانونيةالإلزامية ومن تم انبثقت فكرة حق الطفل في الخطأ إلى جانب حقوق أخرى كالحقفي العيش الكريم وامتلاك أسرار خاصة به والاحتجاج على الظلم ...
من هدا المنطلق الحقوقي الفسيح نتساءلحول مفهوم الخطأ ودلالته التربوية بين التصور البيداغوجي التقليدي والحديث، كمانتساءل عن أهم مصادره و أنواعه،ونتساءل إلى أي حد يمكن للخطأ إن يكون فاعلا في التعلمأي هل للخطأ وظيفة بيداغوجية ايجابية في مسار المتعلم الدراسي ام انه يظل عاملامن عوامل الافشال والارباك الصفي؟وكيف يمكن للأستاذ الممارس أن يتعامل مع أخطاءتلاميذه وتصحيحها بيداغوجيا وجعلها أداة ايجابية داخل الممارسة الصفية؟ كلها إشكالاتسنتطرق للإجابة عنها خلال العرض في محاولة للاقتراب
أكثر من مفهوم الخطأ التربوي.
العرض :
ان الحمولة الإشكالية للخطأ تفضي إلى صعوبةتحديد مفهومه حيث نجد تداخلا كبيرا بين الخطأ والغلط.فيدلالخطأ على وجود حالة فكرية لدى الفرد تمنعه التعاطي مع الحقيقة كمعطى ايجابي.فيحين يحيل لفظ الغلط على حمولة أخلاقية ودينية وقانونية تعتبر الغلط خروجا عنالصواب يستوجب العقاب والزجر.لكن ورغم التفاوت بين المفهومين، إلا أنهما يتقاطعانفي كون كليهما نوعا من أنواع الخروج عن الصواب المعرفي أو الأخلاقي القانوني.ومنالمنظور البيداغوجي التربوي يمكن اعتبار الخطأ حالة من المعرفة الناقصةنتيجة لسوء فهم أو نتيجة لخلل في سيرورة التعليم والتعلم.كما يمكن اعتباره دلكالأثر الذي تخلفه المعارف السابقة والتي كانت إلى حد قريب او بعيد حقائق ثابتة فيحياة الطفل لكنها أصبحت خاطئة أو غير ملائمة.كما يتحديد الخطأ بيداغوجيا بوصفه تلكالحالة من التوتر والارتباك التي يصاب بها المتعلم لحظة اصطدام معارفه السابقة الخاطئةبالمعارف الة التي تضحدها او تشكل تهديدا لها.ويستمد الخطأغناه المفاهيمي والاشكالي من تعدد مصادره والتي يمكنتصنيفهاالى:
1) مصادر داخلية يرجع الخطا فيهالى عوامل مرتبطةبالمتعلم،يمكن الفصل فيها بين مصادر بيولوجية:وتعني عدم توافقالمستوى النمائي والنضج الفكري للمتعلم مع المستوى المفاهيمي المقدم إليه ومثالذلك ان تتناول موضوع الذرة مع طفل في السابعة من عمره.وأخرى سيكولوجية:كان يكونللطفل توجس وخوف من مواقف ومواضيع معينة بسبب تجربة سابقة،او يعاني الطفل من الخجلوعدم الثقة بالنفس
منتديات الونشريسي التعليميةhttps://bour.ahlamontada.com
2)مصادر خارجية قد ترتبط بالمنهاج الدراسي والمقررات او بعملية النقل الديداكتيكيللمعارف والطرق المعتمدة من طرف المدرس في عملية النقل هاته،كما قد ترتبطبالوسائل والمعينات كان يفشل الاستاذ في اختيار الوسيلة اللائمة لشرح ظاهرة معينةكما يمكن للخطا ان ينتج عن غموض الاهداف المتوخاة من التعلم حيث يحتفظ بعض الاساتدةبهده الاهداف في مذكراتهم ولا يشركون المتعلم في الاطلاع عليها مما قد يقللفرص الوقوع في اخطاء كالخروج عن موضوع الدرس او البحث عن الحل خارج المعطيات المقدمة..
ان للخطا مصادر متنوعة ومصدرالخطا يتحكم الى حد كبيرة في تحديد نوعيتة ودرجة تعقده من بساطته.وتتفاوت انواعالاخطاء تبعا لدرجة صعوبتها بين:الاخطاء البسيطة والتي ترتبط في الغالب بتفاصيلبعض المفاهيم التي استعصى على المتعلم ضبطها وهده الاخطاء يمكن تصحيحها فورياوفي سياقها باجراء سريع يكفل ذلك.وبين الاخطاء المركبة التي قد يعبر عنها المتعلمفي سؤال او استفسار يعمل الاستاد على الاجابة عليه او احالة المتعلم على روافدالبحث في الموضوع.وفي المرتبة الثالثة نجد الاخطاء المركبة جدا والمرتبطة قي الغالببافكار وتصورات ومفاهيم خاطئة لدى المتعلم يعمل الاستاد على ادماجها في اطارهاالتربوي المناسب الى ان تتضح معالمها تدريجيا للمتعلم.اما اصعب انواع الاخطاءالتي قد تصادف الممارس حسب غاستون باشلار فهي الاخطاء العوائق حيث يكون الخطامقترنا
بحاجز يمنع تجاوب الذات معالموضوع :إن العائق حاجز يجب تحطيمه حسب باشلار
إن العائق يهدا المفهوم شبيه بالغابة التي تحجب الشمس أو بالقناعالذي يمنع الحقيقة من الوصول إلى عقل المتعلم.أن الأستاذ أمام الخطأ العائق لايصبح هدفه تصحيح الخطأ وتقويمه.بل يصبحه رهانه الأهم كيفية التغلب على العائق وإزالتهللتمكن من الوصول إلى الخطأ ثم تصحيحه.ومن هنا انبثق مفهوم الهدف العائق:وهوهدف يصوغه المدرس لتجاوز العائق، ويسطر له الخطوات والوسائل اللازمة.
أنداك تبقى لكل أستاذ طريقتهالملائمة في اختيار العوائق المطلوب تجاوزها
بترجمتها في صيغة أهداف عوائق أي ترجمة العوائق في شكل أهدافتعلمية.
يبدو من خلال هدا الطرح إنللخطأ حضور قوي داخل الممارسة الصفية وان لكل متعلم نوع معين من الأخطاء يبقىالأشكال مطروحا حول التصور الذي يتخده الخطا لدى الممارسين وحول الكيفية التي يتعاملبها كل استاد مع أخطاء متعلمية اي النظرة التي ينظر بها الأستاذ إلى خطا المتعلم.ونميز في هدا الطرح بين بيداغوجيتين اثنتين لكل منهما نظرتها الخاصة لمفهومالخطأ. 1البيداغوجية التقليدية أو الكلاسيكية:والتي تعتبرا لخطا مؤشرا من مؤشراتفشل الفعل التربوي وعاملا من عوامل التشويش على مجرى التعلم.إن الأستاذ في إطارهذه البيداغوجيا يتأهب من أخطاء تلاميذه ويعمل على مقابلتها بالزجر وكأنها طعن فيكفاءته ونكران لجهوده .حتى إن بعض الأساتذة المنتمين لهده البيداغوجيا يرفضون التعاطيمع الخطأ ويعمدون إلى إقصائه والتغاضي عنه، فيصبح الخطأ أداة ترهيب للمعلم والمتعلمعلى حد السواء .كما إن هناك فئة أخرى من الأساتذة الموهومين بتملك السلطة المعرفيةيعمدون إلى إظهار الخطأ لدى المتعلم لكن ليس بهدف التصحيح أو الإفادة بل مناجل تحسيس المتعلم بالدونية والخضوع الدائم لسلطتهم المعرفية.
كما تتضح النظرة السلبية للخطأ فيهذا المنظور من خلال كونه يشكل عامل استقطاب للمدرس في كل أعمال المتعلم حيثيتم التركيز بشكل مكثف على أخطاء المتعلم في إهمال تام لانجازاته الايجابية. فيصبحالخطأ أداة اقصائية لامعنى فيها للانصاف.
يبدو جليا ان هذا التصور القاتم للخطأ نابع في الأساس من اعتقادأصحابه أن السير الناجح للتعلمات يقوم على معيار الأداء السريع للدرس بأقل مجهودوفي زمن قياسي لدلك يعمل هؤلاء على إقصاء الخطأ وأبعاده.
إن نظرة المعلم للخطأ تنتقلسريعا كالعدوى إلى المتعلم الذي يصبح متوجسا من الوقوع فيه خشية العقاب والتوبيخأو خشية استهزاء الأقران منه.
إن هده النظرة التقليدية السوداوية للخطأ تدفعنا الى الرغبة الشديدةفي معرفةمفهوم هذا الأخير في المنظور البيداغوجي الحديث.يتمتع الخطأ في البيداغوجيا الحديثةبنفس قيمة الحقيقة في بناء المعرفة ولا أدل على ذلك من ظهور بيداغوجيا خاصة بهتسمى بيداغوجيا الخطا وهي بيداغوجيا تجعل من الخطأ لحظة ة فيالبناء المعرفي بل وتعتبره لحظة انطلاقه ويميل الاستاذ في هذا الإتجاهإلى الكشف عن أخطاء تلاميذه والتعاطي معها بايجابية باعتبارها مؤشرا على وجودصعوبات وعوائق تحول دون الاكتساب السليم للمعارف إن البيداغوجيا الحديثة تعترف بحقالطفل في التعلم بالخطأ وتحفز هدا الأخير على ا لاعتراف باخطائه والعمل على تصحيحهاوالاستفادة منها
وينعكس الأثر الايجابي لنظرة الاستاذللخطأ على سلوك المتعلم الذي يتخلص من عقدة الخطأ التي ظلتتطارده طويلا.فيصبح شجاعا في طرح أفكاره أمام زملائه ومنطلقا في عرض إبداعاته،ومتقبلا لأخطائه درجة تقبله لصوابه.
.ويعتبر بحث الأستاذ عن أسباب ومصادر الأخطاء دليلا على الرغبة في تصحيحهاتصحيحا بيداغوجيا سليما، وجعلها تتلاءم مع الواقع في ارتياح اي دون ان يتسببتصحيحها في مشاكل نفسية او عاطفية للمتعلم . فاقتلاع الخطأ من دفعة واحدة يشبهاقتلاع ضرس مريضة دون مسكن.وهدا التعامل مرفوض في ضل هذا المنظور البيداغوجي.
إن الأستاذ الذكي هوا لذيلايقدم الحقائق جاهزة لتلاميذه الدين يعانون من صعوبات، وانما يستدرجهم إلى اكتسابهاكغيرهم من التلاميذ الآخرين. فالطفل بطبعه يتمسك بكل معرفة توصل إليها بمجهودهالخاص،في حين ينسلخ بسرعة من كل المعارف التي تقدم له جاهزة أو يحفظها تحت الضغطدون فهمها واستيعابها.
إن معالجة الخطأ لا تعني تبسيطهوتدليله، بل تعني التعامل معه بحذر شديد كي لا يتفاقم ويتطوركما أنها لا تعني سلك الطرق المختصرة توفيرا للجهد .فخطورة الخطا تفرض خصوصيةفي التعامل معه.
وهنا يأتي دور المدرس في رسم خارطة الطريقالتي سيسلكها لتصحيح الأخطاء لدى تلاميذه وهو طريق سيسلكه فيأربع خطوات أساسية:1تحديد الخطأ تحديدا تقنيا صرفا بمعرفة مكانه والتأشير عليهوان كان تأشيرا ذهنيا المهم ضبطه. 2وصف الخطأ وصفا دقيقا بتحديد نوعه :إملائي،معجمي،تركيبي...3البحث عن مصادره ضمن المصادر التي ذكرناها سابقا. وتعتبر معرفةمصدر الخطأ أهم مرحلة في علاجه لأنه إذا عرف الداء عرف الدواء ويمكن للأستاذ أنيعتمد على حدوسه؛ بوصفه عارفا بمستوى المتعلم وظروفه وبالصعوبات التي مر بها في الماضي.كمايستند الأستاذ في رحلة البحث عن مصادر الأخطاء على تقنية واضحة، او بيداغوجيةمعينة ،كالملاحظة والتقويم، وهي أدوات تساعده على وضع فرضيات حول مصادر الأخطاءبكيفية واضحة.4 لتأتي في الأخير مرحلة اختيار أساليب التصحيح أو العلاج المناسبةللأخطاء ومن أهم أساليب علاج وتصحيح الأخطاء:المعالجة بالتغذية الراجعة،المعالجةبإعمال تكميلية، وبتنمية مهارة الفهم و الحفظ. المعالجة باستعمال تقنية ة،و المعالجة بإعادة النظر في العواملالأساسية:مناخ الفصل الدراسي اواعادة التعلمات السابقة بقرارتكرار القسم وطلب مساعدة خارجية كتدخل الاسرة ..
وهذا مثال عن كيفية ملاحقة الخطا بهدف تصحيحه:
سياق الخطأ:موضوع انشائي
1تحديد الخطأ: بوضع خط تحت الجملالغير المنسجمة والأخطاء الإملائية..
2وصف الخطأ: بكتابة ملاحظة على ش ورقة التحرير:عدمانسجام النص.
3البحث عن مصادر الخطأ الممكنة:فقر الرصيداللغوي والمعجمي الذي لايتيح له
التعبير عن أفكاره في الموضوع.نظرالقلة فرص المطالعة واغناء الرصيد.
4مرحلةالبحث عن العلاجات المناسبة للخطأ:وذلك بتوفير المتعلمفرص المطالعة بإمكانية إنشاء مكتبة القسم واحالته على الاستعمال التواصل للقاموسلاكتساب مفردات ة تساعده على التعبيرعن أفكاره....
وبتجاوز الخطأ يكون هذا الأخير قد أدىوظيفته البيداغوجية وساهم في تحقيق شرط التعلم، فالخطأوالصواب عنصران ان في الممارسة الصفيةخصوصا إذا ما تم استغلالهما الاستغلال السليم بإحداث المدرس لوضعيات من الصراعالسوسيو معرفي لدى المتعلمين وزعزعة معارفهم السابقة وجعلها قابلة للخطأ قابلةللتكيف أمام الحقيقة.
من خلال التفصيل لمجمل الإشكالياتالمطروحة علينا يتضح إن للخطأ قيمة معرفية لا تقل عن تلك التيللحقيقة.كما يتضح أن هذا المفهوم يتأرجح بين تصورين ين الأولتقليدي، يعتبر الخطأ نقطة فشل في مسار المعلم والمتعلم على السواء.والثانيحديث، يرى في الخطأ قاطرة للعبور نحو المعرفة و الحقيقة.كما يتضح بجلاءمن خلال العرض الدور ال الذي يمكن للخطأان يقوم به في اكتساب التعلمات وفي إغناء الممارسة الصفية .
كما نستشف الأثر الايجابي الكبير الذييخلفه الخطأ في نفس المتعلم إذا ما تم إقناعه بحقه في ارتكابه، وبقيمة البحث عنأسبابه، وطرق علاجه وتصحيحه.
خاتمة:
إننا نحن ومواقفنا وآراءنا في تجدد مستمر.
فقد تعرضت تصوراتنا
للعديد حول العديد من المفاهيم للتحول ، فخطا اليوم قد يصبح في الغد حقيقةفي حياتنا. وجزء كبير من حقيقة الأمس أضحى اليوم أخطاءا لأنه لم يعد يتوافق معمعطيات الحاضر.وبالتالي أصبح من البديهي تصحيحه والا ظللنا الطريق، وعشنا الحاضر أغرابابسبب أخطائنا.
فإلى أي مدى نسهم كمربين في انتشال متعلمينا منظلام أخطائهم إلى أنوار الحقيقة والصواب؟؟.
كلمة ختامية:
ان العرض محاولة للإحاطة بكلالمفاهيم التي ترتبط بالخطأ في مفهومه التربوي .والأفكار الواردة فيه ليست بافكارمن إبداعي، بل هي أفكار تربوية بلورتها ابحاث المهتمين بالخطا من فلاسفة وتربويينوممارسين..كل مالي من هذا العرض هوطريقة عرض الأفكار وأسلوب مناقشتها.
وما وجدتم به من توفيق فمنعند الله وماكان به من نقص فمن نفس ضعيفة ضارعة لله
المراجع المعتمدة:
-كتاب التدريس الهادف.(كتاب جد مهم لا اتذكر صاحبه وبقيت لدي العديد منالافكار المهمة حول الخطا التربوي بعد قراءته).
-مجلة علوم التربية،العدد السابع والعشرون.
-كتاب الكفايات واستراتيجيات اكتسابها لعبد الكريمغريب.
- أم أكرممشرفة
- :
عدد الرسائل : 465
العمر : 52
تاريخ التسجيل : 11/10/2010
رد: مكانة الخطـأ في العملية التعليمية
الأربعاء 15 ديسمبر 2010, 14:04
موضوع شيق و مهم , أرجو من جميع المربين قراءته ,للإستفادة من كيفية التعامل مع أخطاء التلاميد , وإعطاء المكانة الصحيحة للخطأفي العملية التعليمية . شكرا على العطاء المتواصل .
رد: مكانة الخطـأ في العملية التعليمية
الأحد 19 ديسمبر 2010, 14:08
شكرا على المرور الكريم و تعليق المفيد
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى