- 3abalaعضو جديد
- :
عدد الرسائل : 35
العمر : 41
تاريخ التسجيل : 04/04/2008
مقالة رقم3-4 في الفلسفة
الثلاثاء 28 أبريل 2009, 09:20
مقالة فلسفية: إذا كانت كل فكرة تحمل في طياتها أسباب فنائها الديمقراطية كفكرة، هل تنطبق عليها هذه الفطرة؟
مقدمة:إذا كانت الديمقراطية بصفتها نظاما سياسيا تقوم على سيادة الشعب و المساواة و العدل و الحرية الفردية و الكرامة الإنسانية، التى جعلت كل شعوب العالم اليوم تتطلع الى تطبيقه، هل هذا يعني ان الديمقراطية هي النظام الأمثل ؟
لكن إذا كانت الديمقراطية فكرة، وإذا كان هيجل يقول أن لكل فكرة سلبيات، هل هذا يعني أن الديمقراطية التى أنتجها الإنسان فيها سلبيات و مساوئ، و إذا كان الأمر كذلك، هل هذه السلبيات تعني فساد النظام الديمقراطي و فنائه ؟
التحليل:الديمقراطية كلمة يونانية الأصل تتكون من ديموس و معناه الشعب و كراتيا ومعناه السيادة، وبمفهومها السياسي، هو نظام يتولى الحكم فيه الشعب بكامله، و ليس فردا واحدا، أو طبقة واحدة تخضع لها بقية أفراد الشعب، لقيت الديمقراطية نجاحا كبيرا، فتغنت بها الشعوب و طالبت بحقها في السيادة، بعد قرون طويلة ساد فيها النظام الفردي المطلق، حيث عان الناس من العبودية و القهر، و قاس الظلم و الحرمان.
ترجع جذور الديمقراطية الى العهد اليوناني القديم، وان كانت ديمقراطية أرستقراطية لا تخص سوى المواطنين الأحرار، دون العبيد الذين يمثلون أغلبية الشعب. بينما لا تستثنى الديمقراطية الحديثة فردا واحدا من أفراد الشعب الذي حمل س السلطة فيحكم بذلك فيحكم بذلك نفسه.
و إذا كان الشعب لا يستطيع أن حمل س السلطة بكامله، فهو سينتخب نوابا ينوبون عنه في مجلس البرلمان الذي يتمتع بحق الممارسة التشريعية، بينما تكتفي الحكومة بالسلطة التنفيذية، و تكون بذلك سلكة في خدمة الشعب الذي يعيد انتخاب نوابه كل مدة زمنية معينة. يرى روسو أن النظام الديمقراطي هو أفضل نظام سياسي، لأنه يعبر عن إرادة الشعب، و الشعب لا يمكن أن يؤدي نفسه. كذلك أشاد جون ستوارت مل بالنظام الديمقراطي، ويرى أنه النظام الذي يمكنه من تحقيق المنفعة العامة التى تقوم على حق التعبير بالرأي، المتمثل في حق المعارضة، وحرية الصحافة، و المشاركة في الحكم على أساس الكلمة الأغلبية، وحكم الأغلبية يمنع تحكم الأنانية. بالإضافة الى مبدأ سيادة الشعب، تقوم الديمقراطية على مبدأ المساواة و العدل.
فالأفراد كلهم متساوون أمام القانون الذي يكون فوق الجميع، يحدد الحقوق و الواجبات بالعدل حسب الاستحقاق، الذي يقاس بالمجهودات المبذولة و القدرات التى يحملها الفرد، و ليس على أساس السلالة أو العرق، ليس الحكم في النظام الديمقراطي متوقفا على طبقة معينة، كما نراه في النظام الفردي، فكل شخص لديه القدرات اللازمة، يمكنه أن حمل س السياسة، ويرشح نفسه للحكم، مهما كانت طبقته الاجتماعية. إن الديمقراطية تقوم على أساس احترام الحقوق الطبيعية للإنسان، و هي حقوق فطرية يملكها الإنسان بمجرد انه إنسان. يرى إليكسي توكفيل في كتابه ” الديمقراطية في أمريكا ” أن الديمقراطية أساس للنهضة و الرضا، فقد حافظت على منافع الأغلبية، ونمت مواهب الناس، و عملت على تكافؤ الفرص، فأخرجت المجتمع من التخلف، و حققت التقدم. كذلك تقوم الديمقراطية على حق التعبير عن الرأي، وحق الحرية اللذين يشعران المواطن بالمسؤولية. وشعور المواطن بالمسؤولية، لكن أساسي من أركان الحكم السليم عند مل.
من الناحية الاجتماعية و الاقتصادية، يرى هنري ميشال ان الديمقراطية تساهم في تطور الإنسان بضمانها لكل فرد حدا معينا من الحرية الاقتصادية، و نصيبا عادلا من منتوج عمله، و جوا ثقافيا و أخلاقيا يمكنه من بلوغ قمة الإنسانية.
إن المحاسن المتعددة للنظام الديمقراطي تجعل به أفضل نظام أنتجه عقل الإنسان، فتغنت به الشعوب، و تطلعت إليه، و علقت عليه آمالها في عيشة كريمة ابتداءا من الثورة الفرنسية سنة 1789 و إعلانها الصريح لحقوق الإنسان.
غير أن تطبيق الديمقراطية في الواقع خيب آمال الكثير من الناس فيها، و أدركوا أنها ليست الفطرة المطلقة الخالية من السلبيات، ربما سلبياتها اقل من سلبيات النظام الفردي المطلق، إلا أنه لا يمكن إغفالها أو إنكارها، و إلا انقلبت ضدها، و أدت الى فشلها، كنظام سياسي و اجتماعي.
عيوب الديمقراطية و المخاطر التى يمكن أن تنزلق إليها، أشار إليها الديمقراطيون أنفسهم، أمثال جون ستوارت مل و توكفيل و مونتسكيو. يعيب جون ستوارت مل على الديمقراطية إفلات الأمر من يدها أحيانا، فقيامها على حق حرية الرأي و التعبير، و المبالغة في ممارسته من طرف الأفراد، قد يجعل الدولة تفقد هيبتها، فتعم الفوضى و عدم الاستقرار. لذلك على الدولة التى تحد من الحرية الفردية في التعبير حتى لا تصبح ذريعة للتدخل في الحياة الخاصة للأفراد فتضر بهم أكثر مما تنفعهم، بقانون عادل يتفق عليه الجميع كما يجب على الدولة أن تحافظ على هيبتها، بصفتها أعلى مؤسسة، ويجب على الدستور أن يمكن الرئيس من الاحتفاظ بصلاحيات، تمكنه من التدخل لحسم النزاع، إذا ما غاب التفاهم بين الأفراد ليس خدمة لمصلحة خاصة، وإنما حماية للديمقراطية نفسها. و لن نعارض الفيلسوف الألماني هيجل، حين يؤكد عامل الوعي كشرط النجاح للنظام الديمقراطي.
إن الديمقراطية ليست شعارا نتباهى به بل ثقافة أولا و قبل كل شيء، تمكن الشعب من فهم أسسها و مبادئها على حقيقتها، ثم ممارستها، لأن الفهم الذي لا تليه ممارسة لا يخدم الديمقراطية و لا يعمل على نجاحها. الوعي يتطلب تربية و خبرة، وربما نجاح النظام الديمقراطي عند الدول المتقدمة، و فشله عند الدول المتخلفة يدلان على الخبرة و التجربة الطويلة التى أكسبتها الأولى في هذا الميدان، و غياب التجربة، أو قصر عمرها عند الثانية. التربية عند مونتسكيو تتمثل في غرس الفضيلة السياسية في صدور الأطفال، المتمثلة في حب الوطن و احترام القانون.
إذا كانت الديمقراطية تمنح الأفراد حق التعبير عن الرأي و ممارسة السياسة ن يجب أن تعلمهم حب الوطن و احترام قوانينه، الردع الوحيد الذي يحميها من الانزلاق نحو صراعات تفوت المصلحة الخاصة قبل العامة، و حب النفس قبل الوطن.
بالنسبة لتوكفيل نجاح الديمقراطية أو فشلها متعلق بالمواطنين، إن الديمقراطية عنده لا تقاس بما تضمه من قيم، و ما تشيده من قواعد، وإنما تقاس بالروح التى تطبق بها قواعدها، والإخلاص الذي تراعي به مبادئها، الأمر الذي لا نتفق معه. قيام الديمقراطية على مبدأ رجل واحد = صوت واحد، يجعلنا نتساءل: كيف يمكن أن نسوى بين الأمي، الذي يغيب عنه الكثير من الأمور، والمثقف ذي النظر البعيد ؟ ألا تكون هذه المساواة في الأصوات الانتخابية، و حق ممارسة السلطة، يجعل من الديمقراطية النظام الذي يفسح المجال لأشخاص غير مؤهلين للوصول الى الحكم ؟.
التاريخ مازال يشهد أن هتلر قد وصل الى الحكم عن طريق الانتخابات، كما وصل أريال شارون الى الحكم عن طريق الانتخابات أيضا، وهو سفاح مجازر صبرا و شتيلا. أيعني هذا أن الديمقراطية جنون كما يقول نيتشه ؟ كذلك تقوم الديمقراطية على رأي الأغلبية الذي قد
يأخذ منعطفا خطيرا على الديمقراطية نفسها، بهضمها لحق الأقلية في التعبير عن الرأي، و ممارسة حريتها. كيف يمكن التوفيق بين حكم الأغلبية و احترام الحريات الفردية ؟
و كيف يمكن أن نتجنب تحول الديمقراطية الى حكم تستبد فيه الأغلبية على حساب الأقلية ؟
إذا كانت الديمقراطية تضحي بالأقلية من أجل الأغلبية، هل هذا يعني أنها تدوس حقوق الأفراد (الأقلية)؟ على رغم من كل المحاولات لإيجاد حلول تمكن الأقلية من ممارسة حقوقها، تبقى هذه الإشكالية أعوص مشكلة تواجهها الديمقراطية، تجعل منها الفكرة التى تحمل سلبيات، و تبعدها عن الكمال، الذي أراده لها أصحابها.
المهم ان نشير الى ان الديمقراطيين أنفسهم يشعرون بعيوب الديمقراطية، وأبحاث كثيرة في هذا الاتجاه، بدأت تظهر تركز على ضرورة تطور الديمقراطية.
الخاتمة:و هكذا نستنتج أن الديمقراطية، ليست نظاما مثاليا خاليا من العيوب، بل هي نظام أبدعه عقل الإنسان الناقص، فيه من السلبيات و المخاطر، ما يجعل منه نظاما جنونيا إذا لم يسرع الإنسان الى إيجاد الحلول المناسبة له، غير ان فناء الديمقراطية كفكرة، لا يعني انتقال الفكر الى نقيضها، الذي هو الحكم الفردي، الذي تتجاوزه الأيام و الأبحاث، و لكن فناء الديمقراطية بمبادئها القديمة، ليفسح المجال لديمقراطية جديدة تقوم على مبدأ جديدة، أو نظام جديد يتعدى عيوبها.
مقالة فلسفية: الدولة و الأمة - أكتب مقالة فلسفية في هذا الموضوع
المقدمة:لا تقوم الدولة و الأمة إلا إذا توفر عامل الإنسان ليس كفرد و إنما كجماعة من الأفراد، ولكن إذا كانت العلاقة التي تربط بين الأفراد في الدولة قانونية، وإذا كانت العلاقة التي تربط بين الأفراد في الأمة روحية، هل هذا يعني أن الدولة و الأمة مفهومان مختلفان ؟
و هل هذا الاختلاف يفصل بينهما أم لا ؟ إذا كان لا يفصل فما هي العلاقة الموجودة بين الدولة و الأمة ؟
العرض:
كون الإنسان عاجزا على العيش بمفرده جعله يتكتل بغيره من الناس ليؤلف أشكالا مختلفة من التجمعات، أهمها تجمعه على شكل دول و أمم، إذن الدولة مجموعة من الأفراد الذين يكونون الدولة و الأمة، كما ليس هناك حد أقصى، غير أننا يجب ألا نفهم من ذلك أنه كلما كان هناك أفراد كلما أنشأوا بالضرورة دولة أو أمة بل يجب أن تكون هناك علاقات تربط بين الأفراد و تقرب بعضهم بالبعض و إن كانت العلاقات التي تربط أفراد الأمة غير العلاقات التي تربط أفراد الدولة.
وان العلاقات التي تربط أفراد الأمة علاقات روحية معنوية يستمدونها من المقومات الأساسية التي تقوم عليها الأمة، كاللغة و الدين و التقاليد و التاريخ و المصير المشترك و لا يعني هذا أن غياب واحد من هذه المقومات يؤدي إلى غياب الأمة.
يمكن لأمة أن تقوم على مقوم دون آخر، مثل الأمة الإسلامية التي قامت على مقوم الدين، والأمتان العربية و الألمانية التين قامتا على مقوم اللغة و الأمة الأوربية التي تقوم اليوم على مقوم المصير المشترك.التحام أفراد الأمة حول مقوم واحد يولد عندهم الشعور بالمحبة و التعاطف فيميلون إلى الرغبة في العيش معا و مواجهة المستقبل جبهة واحدة، و إن اختلفت القوانين الأساسية و الاجتماعية و الاقتصادية.
يقول رينان:” إن الرضا الحالي، و الرغبة في العيش معا هي الإرادة في الاستمرار، و إبراز قيمة الميراث الذي ورثناه.” بينما تكون العلاقات التي تربط الأفراد في الدولة علاقات قانونية مادية، يستمدونها من القوانين الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية الواحدة. لذلك فالأمة يمكن أن تضم دولا عديدة كالأمة الإسلامية، والدولة يمكن أن تضم أمم عديدة كسويسرا.
إن الدولة بخلاف الأمة تحتاج لكي تقوم، إلى وجود قانون و سلطة تسهل على تطبيقه، فهي بذلك لا تنشأ إلا إذا اخذ الأفراد القرار و عزموا على بنائها. هكذا أخذ قادة الثورة الجزائرية في 19 سبتمبر 1958 بالقاهرة، قرار إنشاء الدولة الجزائرية المؤقتة، كذلك أعلن الفلسطينيون قيام الدولة الفلسطينية في 13 نوفمبر 1988 في الجزائر. بينما تتكون الأمة عفويا و تلقائيا عبر التاريخ و الأيام، وما يمر به الأفراد من محن و أحزان و انتصارات و أفراح ن وكما يقول رينان “الأمة نهاية ماضي طويل”
غير أننا إذا نظرنا في الاختلاف الذي يميز بين الدولة و الأمة، نجده اختلافا ظاهريا لا يفصل بينهما. فالأمة بالنسبة إلى الدولة هي الثوب الذي يقيها من العواصف و الرياح التي تهب عليها فتحميها من التمزق، خاصة حينما تكون القوانين ضعيفة و لا تؤدي دورها في لم شمل الأفراد و توحيدهم، أو حين لا يتفق الأفراد حول قانون واحد، فتكثر الخلافات.
فالكثير من الدول دخلت في حرب أهلية دامت مدة طويلة كلبنان مثلا، وذلك بسبب غياب هذا الشعور الروحي العاطفي الذي يربط بين أفراد الشعب، فانقسموا إلى مسلمين و مسيحيين. و في المقابل، ما أنقذ بلادنا الجزائر من حرب أهلية مدمرة، هو شعور الجزائريين أنهم شعب واحد، له تاريخ واحد، دين واحد، أصل واحد، مستقبل واحد بالرغم من اختلاف الرؤى السياسية.
كذلك فان للقوانين السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي تنتهجها الدول و السلطات دورا مهما في تقوية العلاقات الروحية بين أفراد الأمة الواحدة، إذا كان بينها اتفاق، و في إضعافها إذا كثر الخلاف بينها، الأمر الذي جعل فكرة توحيد قوانين الدول التي تكون أمة واحدة تظهر إلى الوجود للحفاظ على استمرار الأمة و بقائها.
فوحد الأوربيين قانون اقتصادي في 1957 الذي عززوه مؤخرا بتوحيد العملة، و يحاولون توحيد قانونهم السياسي ببرلمان أوربي يشمل كل أعضاء السوق الأوربية المشتركة، الأمر الذي لم تستطع الدول العربية الوصول إليه، بالرغم من جهود الجامعة العربية، و هذا يشكل طبعا خطرا على الروابط العاطفية و الأخوية التي تربط بين شعوب الأمة العربية. و ما حدث بين العراق و الكويت مثال حي على ذلك.
إن الدولة تحتاج إلى الروابط الروحية لتزيد روابطها القانونية متانة، مثلما تحتاج الأمة إلى الروابط القانونية ليستمر و جودها و يقوى. ومن الأفضل أن تكون الدولة امة واحدة لتزيد متانتها ن و الأمة دولة واحدة ليزيد تعاطف أفرادها، لان الأمة هي روح الشعب و الدولة هي جسده، و العوامل الروحية للحياة الاجتماعية لا يمكن أن تنفصل عن عواملها المادية.
الخاتمة:و أخيرا إذا كانت الأمة غير الدولة، والدولة غير الأمة فان هذا الاختلاف يبقى اختلافا ظاهريا لا يفصل بينهما، فكل واحد تكمل الأخرى ن و تكون بمثابة ركيزة لوجودها، فالدولة تقوي روابط الأمة، فتكون بمثابة جسدها، والأمة تعمل على استقرار الدولة، فتكون بمثابة روحها.
مقدمة:إذا كانت الديمقراطية بصفتها نظاما سياسيا تقوم على سيادة الشعب و المساواة و العدل و الحرية الفردية و الكرامة الإنسانية، التى جعلت كل شعوب العالم اليوم تتطلع الى تطبيقه، هل هذا يعني ان الديمقراطية هي النظام الأمثل ؟
لكن إذا كانت الديمقراطية فكرة، وإذا كان هيجل يقول أن لكل فكرة سلبيات، هل هذا يعني أن الديمقراطية التى أنتجها الإنسان فيها سلبيات و مساوئ، و إذا كان الأمر كذلك، هل هذه السلبيات تعني فساد النظام الديمقراطي و فنائه ؟
التحليل:الديمقراطية كلمة يونانية الأصل تتكون من ديموس و معناه الشعب و كراتيا ومعناه السيادة، وبمفهومها السياسي، هو نظام يتولى الحكم فيه الشعب بكامله، و ليس فردا واحدا، أو طبقة واحدة تخضع لها بقية أفراد الشعب، لقيت الديمقراطية نجاحا كبيرا، فتغنت بها الشعوب و طالبت بحقها في السيادة، بعد قرون طويلة ساد فيها النظام الفردي المطلق، حيث عان الناس من العبودية و القهر، و قاس الظلم و الحرمان.
ترجع جذور الديمقراطية الى العهد اليوناني القديم، وان كانت ديمقراطية أرستقراطية لا تخص سوى المواطنين الأحرار، دون العبيد الذين يمثلون أغلبية الشعب. بينما لا تستثنى الديمقراطية الحديثة فردا واحدا من أفراد الشعب الذي حمل س السلطة فيحكم بذلك فيحكم بذلك نفسه.
و إذا كان الشعب لا يستطيع أن حمل س السلطة بكامله، فهو سينتخب نوابا ينوبون عنه في مجلس البرلمان الذي يتمتع بحق الممارسة التشريعية، بينما تكتفي الحكومة بالسلطة التنفيذية، و تكون بذلك سلكة في خدمة الشعب الذي يعيد انتخاب نوابه كل مدة زمنية معينة. يرى روسو أن النظام الديمقراطي هو أفضل نظام سياسي، لأنه يعبر عن إرادة الشعب، و الشعب لا يمكن أن يؤدي نفسه. كذلك أشاد جون ستوارت مل بالنظام الديمقراطي، ويرى أنه النظام الذي يمكنه من تحقيق المنفعة العامة التى تقوم على حق التعبير بالرأي، المتمثل في حق المعارضة، وحرية الصحافة، و المشاركة في الحكم على أساس الكلمة الأغلبية، وحكم الأغلبية يمنع تحكم الأنانية. بالإضافة الى مبدأ سيادة الشعب، تقوم الديمقراطية على مبدأ المساواة و العدل.
فالأفراد كلهم متساوون أمام القانون الذي يكون فوق الجميع، يحدد الحقوق و الواجبات بالعدل حسب الاستحقاق، الذي يقاس بالمجهودات المبذولة و القدرات التى يحملها الفرد، و ليس على أساس السلالة أو العرق، ليس الحكم في النظام الديمقراطي متوقفا على طبقة معينة، كما نراه في النظام الفردي، فكل شخص لديه القدرات اللازمة، يمكنه أن حمل س السياسة، ويرشح نفسه للحكم، مهما كانت طبقته الاجتماعية. إن الديمقراطية تقوم على أساس احترام الحقوق الطبيعية للإنسان، و هي حقوق فطرية يملكها الإنسان بمجرد انه إنسان. يرى إليكسي توكفيل في كتابه ” الديمقراطية في أمريكا ” أن الديمقراطية أساس للنهضة و الرضا، فقد حافظت على منافع الأغلبية، ونمت مواهب الناس، و عملت على تكافؤ الفرص، فأخرجت المجتمع من التخلف، و حققت التقدم. كذلك تقوم الديمقراطية على حق التعبير عن الرأي، وحق الحرية اللذين يشعران المواطن بالمسؤولية. وشعور المواطن بالمسؤولية، لكن أساسي من أركان الحكم السليم عند مل.
من الناحية الاجتماعية و الاقتصادية، يرى هنري ميشال ان الديمقراطية تساهم في تطور الإنسان بضمانها لكل فرد حدا معينا من الحرية الاقتصادية، و نصيبا عادلا من منتوج عمله، و جوا ثقافيا و أخلاقيا يمكنه من بلوغ قمة الإنسانية.
إن المحاسن المتعددة للنظام الديمقراطي تجعل به أفضل نظام أنتجه عقل الإنسان، فتغنت به الشعوب، و تطلعت إليه، و علقت عليه آمالها في عيشة كريمة ابتداءا من الثورة الفرنسية سنة 1789 و إعلانها الصريح لحقوق الإنسان.
غير أن تطبيق الديمقراطية في الواقع خيب آمال الكثير من الناس فيها، و أدركوا أنها ليست الفطرة المطلقة الخالية من السلبيات، ربما سلبياتها اقل من سلبيات النظام الفردي المطلق، إلا أنه لا يمكن إغفالها أو إنكارها، و إلا انقلبت ضدها، و أدت الى فشلها، كنظام سياسي و اجتماعي.
عيوب الديمقراطية و المخاطر التى يمكن أن تنزلق إليها، أشار إليها الديمقراطيون أنفسهم، أمثال جون ستوارت مل و توكفيل و مونتسكيو. يعيب جون ستوارت مل على الديمقراطية إفلات الأمر من يدها أحيانا، فقيامها على حق حرية الرأي و التعبير، و المبالغة في ممارسته من طرف الأفراد، قد يجعل الدولة تفقد هيبتها، فتعم الفوضى و عدم الاستقرار. لذلك على الدولة التى تحد من الحرية الفردية في التعبير حتى لا تصبح ذريعة للتدخل في الحياة الخاصة للأفراد فتضر بهم أكثر مما تنفعهم، بقانون عادل يتفق عليه الجميع كما يجب على الدولة أن تحافظ على هيبتها، بصفتها أعلى مؤسسة، ويجب على الدستور أن يمكن الرئيس من الاحتفاظ بصلاحيات، تمكنه من التدخل لحسم النزاع، إذا ما غاب التفاهم بين الأفراد ليس خدمة لمصلحة خاصة، وإنما حماية للديمقراطية نفسها. و لن نعارض الفيلسوف الألماني هيجل، حين يؤكد عامل الوعي كشرط النجاح للنظام الديمقراطي.
إن الديمقراطية ليست شعارا نتباهى به بل ثقافة أولا و قبل كل شيء، تمكن الشعب من فهم أسسها و مبادئها على حقيقتها، ثم ممارستها، لأن الفهم الذي لا تليه ممارسة لا يخدم الديمقراطية و لا يعمل على نجاحها. الوعي يتطلب تربية و خبرة، وربما نجاح النظام الديمقراطي عند الدول المتقدمة، و فشله عند الدول المتخلفة يدلان على الخبرة و التجربة الطويلة التى أكسبتها الأولى في هذا الميدان، و غياب التجربة، أو قصر عمرها عند الثانية. التربية عند مونتسكيو تتمثل في غرس الفضيلة السياسية في صدور الأطفال، المتمثلة في حب الوطن و احترام القانون.
إذا كانت الديمقراطية تمنح الأفراد حق التعبير عن الرأي و ممارسة السياسة ن يجب أن تعلمهم حب الوطن و احترام قوانينه، الردع الوحيد الذي يحميها من الانزلاق نحو صراعات تفوت المصلحة الخاصة قبل العامة، و حب النفس قبل الوطن.
بالنسبة لتوكفيل نجاح الديمقراطية أو فشلها متعلق بالمواطنين، إن الديمقراطية عنده لا تقاس بما تضمه من قيم، و ما تشيده من قواعد، وإنما تقاس بالروح التى تطبق بها قواعدها، والإخلاص الذي تراعي به مبادئها، الأمر الذي لا نتفق معه. قيام الديمقراطية على مبدأ رجل واحد = صوت واحد، يجعلنا نتساءل: كيف يمكن أن نسوى بين الأمي، الذي يغيب عنه الكثير من الأمور، والمثقف ذي النظر البعيد ؟ ألا تكون هذه المساواة في الأصوات الانتخابية، و حق ممارسة السلطة، يجعل من الديمقراطية النظام الذي يفسح المجال لأشخاص غير مؤهلين للوصول الى الحكم ؟.
التاريخ مازال يشهد أن هتلر قد وصل الى الحكم عن طريق الانتخابات، كما وصل أريال شارون الى الحكم عن طريق الانتخابات أيضا، وهو سفاح مجازر صبرا و شتيلا. أيعني هذا أن الديمقراطية جنون كما يقول نيتشه ؟ كذلك تقوم الديمقراطية على رأي الأغلبية الذي قد
يأخذ منعطفا خطيرا على الديمقراطية نفسها، بهضمها لحق الأقلية في التعبير عن الرأي، و ممارسة حريتها. كيف يمكن التوفيق بين حكم الأغلبية و احترام الحريات الفردية ؟
و كيف يمكن أن نتجنب تحول الديمقراطية الى حكم تستبد فيه الأغلبية على حساب الأقلية ؟
إذا كانت الديمقراطية تضحي بالأقلية من أجل الأغلبية، هل هذا يعني أنها تدوس حقوق الأفراد (الأقلية)؟ على رغم من كل المحاولات لإيجاد حلول تمكن الأقلية من ممارسة حقوقها، تبقى هذه الإشكالية أعوص مشكلة تواجهها الديمقراطية، تجعل منها الفكرة التى تحمل سلبيات، و تبعدها عن الكمال، الذي أراده لها أصحابها.
المهم ان نشير الى ان الديمقراطيين أنفسهم يشعرون بعيوب الديمقراطية، وأبحاث كثيرة في هذا الاتجاه، بدأت تظهر تركز على ضرورة تطور الديمقراطية.
الخاتمة:و هكذا نستنتج أن الديمقراطية، ليست نظاما مثاليا خاليا من العيوب، بل هي نظام أبدعه عقل الإنسان الناقص، فيه من السلبيات و المخاطر، ما يجعل منه نظاما جنونيا إذا لم يسرع الإنسان الى إيجاد الحلول المناسبة له، غير ان فناء الديمقراطية كفكرة، لا يعني انتقال الفكر الى نقيضها، الذي هو الحكم الفردي، الذي تتجاوزه الأيام و الأبحاث، و لكن فناء الديمقراطية بمبادئها القديمة، ليفسح المجال لديمقراطية جديدة تقوم على مبدأ جديدة، أو نظام جديد يتعدى عيوبها.
مقالة فلسفية: الدولة و الأمة - أكتب مقالة فلسفية في هذا الموضوع
المقدمة:لا تقوم الدولة و الأمة إلا إذا توفر عامل الإنسان ليس كفرد و إنما كجماعة من الأفراد، ولكن إذا كانت العلاقة التي تربط بين الأفراد في الدولة قانونية، وإذا كانت العلاقة التي تربط بين الأفراد في الأمة روحية، هل هذا يعني أن الدولة و الأمة مفهومان مختلفان ؟
و هل هذا الاختلاف يفصل بينهما أم لا ؟ إذا كان لا يفصل فما هي العلاقة الموجودة بين الدولة و الأمة ؟
العرض:
كون الإنسان عاجزا على العيش بمفرده جعله يتكتل بغيره من الناس ليؤلف أشكالا مختلفة من التجمعات، أهمها تجمعه على شكل دول و أمم، إذن الدولة مجموعة من الأفراد الذين يكونون الدولة و الأمة، كما ليس هناك حد أقصى، غير أننا يجب ألا نفهم من ذلك أنه كلما كان هناك أفراد كلما أنشأوا بالضرورة دولة أو أمة بل يجب أن تكون هناك علاقات تربط بين الأفراد و تقرب بعضهم بالبعض و إن كانت العلاقات التي تربط أفراد الأمة غير العلاقات التي تربط أفراد الدولة.
وان العلاقات التي تربط أفراد الأمة علاقات روحية معنوية يستمدونها من المقومات الأساسية التي تقوم عليها الأمة، كاللغة و الدين و التقاليد و التاريخ و المصير المشترك و لا يعني هذا أن غياب واحد من هذه المقومات يؤدي إلى غياب الأمة.
يمكن لأمة أن تقوم على مقوم دون آخر، مثل الأمة الإسلامية التي قامت على مقوم الدين، والأمتان العربية و الألمانية التين قامتا على مقوم اللغة و الأمة الأوربية التي تقوم اليوم على مقوم المصير المشترك.التحام أفراد الأمة حول مقوم واحد يولد عندهم الشعور بالمحبة و التعاطف فيميلون إلى الرغبة في العيش معا و مواجهة المستقبل جبهة واحدة، و إن اختلفت القوانين الأساسية و الاجتماعية و الاقتصادية.
يقول رينان:” إن الرضا الحالي، و الرغبة في العيش معا هي الإرادة في الاستمرار، و إبراز قيمة الميراث الذي ورثناه.” بينما تكون العلاقات التي تربط الأفراد في الدولة علاقات قانونية مادية، يستمدونها من القوانين الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية الواحدة. لذلك فالأمة يمكن أن تضم دولا عديدة كالأمة الإسلامية، والدولة يمكن أن تضم أمم عديدة كسويسرا.
إن الدولة بخلاف الأمة تحتاج لكي تقوم، إلى وجود قانون و سلطة تسهل على تطبيقه، فهي بذلك لا تنشأ إلا إذا اخذ الأفراد القرار و عزموا على بنائها. هكذا أخذ قادة الثورة الجزائرية في 19 سبتمبر 1958 بالقاهرة، قرار إنشاء الدولة الجزائرية المؤقتة، كذلك أعلن الفلسطينيون قيام الدولة الفلسطينية في 13 نوفمبر 1988 في الجزائر. بينما تتكون الأمة عفويا و تلقائيا عبر التاريخ و الأيام، وما يمر به الأفراد من محن و أحزان و انتصارات و أفراح ن وكما يقول رينان “الأمة نهاية ماضي طويل”
غير أننا إذا نظرنا في الاختلاف الذي يميز بين الدولة و الأمة، نجده اختلافا ظاهريا لا يفصل بينهما. فالأمة بالنسبة إلى الدولة هي الثوب الذي يقيها من العواصف و الرياح التي تهب عليها فتحميها من التمزق، خاصة حينما تكون القوانين ضعيفة و لا تؤدي دورها في لم شمل الأفراد و توحيدهم، أو حين لا يتفق الأفراد حول قانون واحد، فتكثر الخلافات.
فالكثير من الدول دخلت في حرب أهلية دامت مدة طويلة كلبنان مثلا، وذلك بسبب غياب هذا الشعور الروحي العاطفي الذي يربط بين أفراد الشعب، فانقسموا إلى مسلمين و مسيحيين. و في المقابل، ما أنقذ بلادنا الجزائر من حرب أهلية مدمرة، هو شعور الجزائريين أنهم شعب واحد، له تاريخ واحد، دين واحد، أصل واحد، مستقبل واحد بالرغم من اختلاف الرؤى السياسية.
كذلك فان للقوانين السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي تنتهجها الدول و السلطات دورا مهما في تقوية العلاقات الروحية بين أفراد الأمة الواحدة، إذا كان بينها اتفاق، و في إضعافها إذا كثر الخلاف بينها، الأمر الذي جعل فكرة توحيد قوانين الدول التي تكون أمة واحدة تظهر إلى الوجود للحفاظ على استمرار الأمة و بقائها.
فوحد الأوربيين قانون اقتصادي في 1957 الذي عززوه مؤخرا بتوحيد العملة، و يحاولون توحيد قانونهم السياسي ببرلمان أوربي يشمل كل أعضاء السوق الأوربية المشتركة، الأمر الذي لم تستطع الدول العربية الوصول إليه، بالرغم من جهود الجامعة العربية، و هذا يشكل طبعا خطرا على الروابط العاطفية و الأخوية التي تربط بين شعوب الأمة العربية. و ما حدث بين العراق و الكويت مثال حي على ذلك.
إن الدولة تحتاج إلى الروابط الروحية لتزيد روابطها القانونية متانة، مثلما تحتاج الأمة إلى الروابط القانونية ليستمر و جودها و يقوى. ومن الأفضل أن تكون الدولة امة واحدة لتزيد متانتها ن و الأمة دولة واحدة ليزيد تعاطف أفرادها، لان الأمة هي روح الشعب و الدولة هي جسده، و العوامل الروحية للحياة الاجتماعية لا يمكن أن تنفصل عن عواملها المادية.
الخاتمة:و أخيرا إذا كانت الأمة غير الدولة، والدولة غير الأمة فان هذا الاختلاف يبقى اختلافا ظاهريا لا يفصل بينهما، فكل واحد تكمل الأخرى ن و تكون بمثابة ركيزة لوجودها، فالدولة تقوي روابط الأمة، فتكون بمثابة جسدها، والأمة تعمل على استقرار الدولة، فتكون بمثابة روحها.
- netcom199عضو ملكي
- :
عدد الرسائل : 2058
العمر : 49
المزاج : أسألك الدعاء لي
تاريخ التسجيل : 01/11/2008
رد: مقالة رقم3-4 في الفلسفة
الثلاثاء 04 أغسطس 2009, 15:13
- عبد الحكيممشرف
- :
عدد الرسائل : 1543
العمر : 46
العمل/الترفيه : أستاذ
المزاج : أحوال الانسان
تاريخ التسجيل : 04/01/2009
مقالة رقم3-4 في الفلسفة
الخميس 19 نوفمبر 2009, 23:46
بسم الله الرحمان الرحيم
شكرا لك
شكرا لك
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى