الزاوية الدلائية والإمارة السملالية في المغرب الأقصى

الزّاوية الدلاّئيـة:
 التّطوّرات السّياسية:
ينسب الدلاّئيّون إلى قبيلة "دلاء" من صنهاجة، وقد استقرّ جدّهم "أبو بكر بن محمّد المجاطي" بتادلـة حيث بنى الزّاوية وذلك شرقي "خنيفرة" في قبيلة "آيت إسحاق"، وكان هذا الرّجل ذا فضل وعلم كبيرين فأصبحت زاويته ملجأ لرجال الدّين ورغم شهرتها الكبيرة إلاّ أنّ "المنصور" السّعدي لم يول اهتماما لها باعتبارها حركة دينية لكنّها سرعان ما اتّخذت اتّجاها سياسيـا بعد وفاة "أبي بكر" عام 1021هـ/1612م إذ خلفه ابنه "محمّد" الّذي قام بتقوية نفوذ الزّاوية حتّى جنوب الأطلس الكبير، وكان نابغة في التّفكير والحديث والفقـه، وقد عاصر زمانه عدد من أقطاب العلم كـالمقرّي.
بعد وفاته خلفه ابنه "محمّد الحاج" 1046هـ/1637م ويعتبر أبرز رؤساء الزّاوية، ففي عهده امتدّت سلطة الدلاّئيّين إلى فاس ومكناس وانتصر على العيّاشي وسيطر على "سلا"، وخلال فترة حكمه كان العلويّون يحاولون بسط سيطرتهم على بلاد المغرب، فاتّفق الطّرفان (الدلائيون والعلويون) على إقامة حدود فاصلة بينهما تمثّل مناطق نفوذهما، فالمناطق ما بين الصّحراء وجبل عيّاش للعلويّين وما وراء الأطلس الكبير للدّلاّئيّين، لكن ما لبث أن قام النّزاع بينهما من جديد إذ تمرّد سكّان فاس على عامل الدلاّئيّين بها واستغاثوا بالمولى "محمّد الشريف" لكن "محمّد الحاج" هزمه.
وبعد تولّي "المولى الرشيد" العرش العلوي عام 1076هـ اشتبك مع الدّلاّئيّين في معارك متوالية حتّى انتصر عليهم في موقعة "بطن الرمان" واحتلّ زاويتهم عام 1079هـ/1668م وعفا عن سكّانها ومنهم "محمّد الحاج" الذي ارتحل إلى فاس ومنها إلى تلمسان الّتي توفّي بها عام 1082هـ ودفن بضريح "سيدي السنوسي" وانتهت به عصر الزّاوية الدّلاّئية.
 الأهمية العلمية والدينية:
لقد كانت الزاوية الدلائية تسعى لنشر "الطريقة الشاذلية" وبلغت شأنا عظيما في الشهرة والمجد حتى أصبحت مركزا دينيا يأتي إليه الناس من كل حدب وصوب. وقد كان لهذه الزاوية طريقتها في الإحتفال بالمناسبات الدينية فمثلا في المولد النبوي الشريف كان يقصدها الأدباء والعلماء والشعراء يقضون أياما في إنشاد القصائد والموشحات في مدح خير خلق الله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
ومن أهمّ أذكارها: الإكثار من الصّلاة على النّبي صلّى الله عليه وسلّم وقراءة دلائل الخيرات والإكثار من الإستغفار.
أمّا في الجانب العلمي فقد اشتغل الدلائيون في كثير منها خصوصا الدينية كعلم القراءات وعلوم التفسير والحديث والتوحيد والفقه والأصول وبزغ منهم كثير من العلماء كـ"محمد ابن أبي بكر" شيخ الزاوية و"الشرقي ابن أبي بكر" الّذي لقّب بـ"قطب رحى المقرئين" بالمغرب، هذا وقد وجد التصوّف والمنطق كما أظهر الدلائيون تفوقا كبيرا في علوم اللغة وآدابها.
 العلاقات مع الدول الأوروبية:
لقد كان للدلائيين عدة علاقات مع الدول الاوروبية كـفرنسا وانجلترا وهولندا، وكانت هذه العلاقات تبنى على أساس المصلحة خصوصا التجارية منها، فأبرم الدلائيون مع هذه الأطراف عدة معاهدات في هذا المجال، بالإضافة إلى عقد معاهدات سلم وصلح خدمة لمصالح كل طرف، ولقد كان ظهور الأطماع الإستعمارية الأوروبية في البلاد المغربية سببا كفيلا بانقطاع هذه العلاقات.






الإمارة السملالية:
لقد كان ظهور "السملاليين" أيام السلطان "زيدان بن المنصور" السعدي بزعامة "أبي حسون السملالي" الذل قويت شوكته فقام بالإستلاء على القطر السوسي أوّلا ثمّ وجّه انتباهه نحو "درعة" و"سجلماسة"، وكان بين "أبي حسون" و"المولى الشريف بن علي" صداقة، هذا الأخير كانت له عداوة مع "بني الزبير" أهل حصن "تابوعصامت" وهي حصن منيع من حصون سجلماسة فاستصرخ عليهم "أبا حسون السملالي" صاحب السّوس واستصرخ أهل "تابوعصامت" أهل زاوية الدلاء، فأغاث كل منهما من استصرخه والتقى المعسكران معا بسجلماسة لكنهما انفصلا على غير قتال حقنا لدماء المسلمين وكان ذلك سنة 1043هـ.
ولما رأى أهل تابوعصامت ما بين "المولى الشريف" و"أبي حسون" من الصداقة والوصلة مالوا إلى "أبي حسون" وخدموه بأنفسهم وأظهروا له النصح وصدق المحبة طمعا في استفساده على "المولى الشريف" فلم يزالوا يسعون في ذلك إلى أن أظلم الجو بينهما واستحكمت العداوة، ولما رأى "محمد" ابن "المولى الشريف" ذلك قام بالإغارة على حين غفلة منهم فتمكن منهم واستولى على ذخائرهم وشفى صدر أبيه مما كان يجده عليهم.
ولما انتهى الخبر إلى "أبي حسون" اشتد غضبه فكتب إلى عامله بسجلماسة بأن يحتال على "المولى الشريف" حتى يقبض عليه ففعل ذلك بأن تظاهر بالمرض واستدعى "المولى الشريف" للتبرك به فقبض عليه وبعثه إلى "أبي حسون" بالسوس، فاعتقل في قلعة هناك مدة إلى أن فداه ابنه "محمد" بمال جزيل وكان ذلك سنة 1047هـ/1638م.
وفي سنة 1050هـ تمكن "المولى محمد بن الشريف" من السيطرة على سجلماسة وأخذ البيعة من سكانها مستغلا تذمرهم من تصرفات عمال "أبي حسون" فيها، فسيطر عليها وقضى على حكم السملاليين بها.
بعد ذلك اتجه "المولى محمد" للإستلاء على درعـة وتمكن من ذلك بعد حروب فضيعة مع "أبي حسون" الذل هُزم وفر إلى السوس وهكذا فقد السملاليون مركزا آخر من مراكز قوتهم، ولم يبق لهم إلا منطقة السوس.
لما توفي "أبو حسون" عام 1070هـ خلفه ابنه "أبو عبد الله محمد" فلما كانت سنة 1081هـ غزا "المولى الرشيد" بلاد السوس فاستولى على "تارودانت" فأوقع بهستوكة فقتل منهم 1500 وأوقع بأهل الساحل وأهل قلعة "ايليغ" دار ملك السملاليين فاستولى عليها وقتل منهم أكثر من ألفين، وصفا أمر السوس لـ"لمولى الرشيد".

شكرا جزيلا بارك الله فيك

شكراااااااااا لك